ثقافة الفنان

الصفحة الاخيرة 2020/06/24
...

سامر المشعل
ثقافة الفنان هل هي جانب كمالي، أم هي حاجة ضروريَّة ومكملة لشخصية الفنان؟.. حلم الفنانين الشباب وخصوصاً في مجال الموسيقى والغناء، أنْ يصل الى النجوميَّة، بأقصر الطرق وبأسرع وقت ممكن. من دون التفكير بالجانب الثقافي والمنظومة المعرفية والاخلاقية والقيمية والرؤية الانسانية والجمالية والذوقية للخطاب الفني الذي يحمله.
وهذا التفكير هو السائد للأسف الشديد عند الكثير من المطربين الشباب. الصوت الجميل هو هبة من رب العالمين، مثلما يمنح الخالق بعض مخلوقاته صفات مميزة مثل العيون الواسعة أو القوام المتجانس أو الشعر المسترسل أو وسامة.. يهب بعض المخلوقات صوتاً جميلاً.
وعندما ينمي صاحب الصوت الجميل موهبته ويطرح نفسه كفنان، ينبغي أنْ يرتقي الى خلق الفنان ويكون أثره الإنساني والاجتماعي جميلاً مثل فنه. وتتطابق الموهبة مع السلوك الذاتي والأخلاقي.
قبل أيام شاهدنا فيديو انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، مطرب وملحن شاب وهو نجم معروف في الساحة الغنائيَّة، تسأله مقدمة البرنامج عن صورة للفنان الكبير حسين نعمة؟ لا يعرفه!. ثم تظهر له صورة أخرى للفنان الكبير حميد منصور، فلا يميز بين الفنان حسين نعمة وحميد منصور؟!. صورة صادمة، بل هذا اللامعقول بحد ذاته.. كيف أصبح هذا الفنان نجماً في الساحة الغنائيَّة العراقيَّة والعربيَّة، وهو لا يعرف رواد الفن؟ وأبسط متابع للغناء العراقي يحفظ أغانيهم!.
أما هذا الفنان فيتغابى من أجل الإثارة، أو يحاول تجاهلهم والإساءة الى تاريخهم!.
وفي كلتا الحالتين يكشف هذا النجم عن انحطاط ثقافي ونقص فادح في مجال تخصصه المعرفي. وفي فيديو آخر ينشر أحد المطربين الشباب، وهو يمر بسيارته من أمام سيطرة أمنية، والى جانبه تجلس امرأة، ويتحدث مع الشرطي، ويستسمحه بالعبور، أثناء فترة حظر التجوال، انْ يوصل زوجته الى أهلها. ويصور نفسه بأنه نجح بالضحك على رجل الأمن، الذي تعاطف معه إنسانياً، ويروج لنفسه بأنه لعوب و»فهلوي» ثم يأخذ بالاستهزاء بكل من حوله بلغة سوقيَّة تعبر عن ضحالة وخواء هذا الفنان!.
هاتان صورتان لنجوم الفن من الشباب في هذا العصر.. في ظرف عصيب يمر به العراق والعالم من وباء يهدد حياة الناس ويفترض أنْ يكون الفنان قائداً في المجتمع، ويضع على عاتقه مسؤولية أمن وسلامة المجتمع، في حث المواطنين على الالتزام والتقيد بالتعليمات الوقائية لتجنب خطر الفيروس.
لا أنْ يكون الفنان قدوة سيئة للآخرين، لأنَّ الفنان ربما يقلده بعض معجبيه، لكنَّ بعض الفنانين حقيقة أصبحوا ينافسون الكورونا، في تأثيرهم السيئ في المجتمع من خلال فنهم الرخيص وسفاهة تصرفهم. أرى أنَّ بعض العاملين في مجال الفن والمحسوبين على الفن، بحاجة الى إعادة تأهيل ثقافي وأخلاقي.