جواد علي كسّار
يعدّ الوقت ميراثاً مشتركاً لثقافات الإنسان الدينية والحضارية، لذلك أحرص على مراجعة أي خبرة تصدر عن موضوع الوقت، وهو ما حصل مع كتاب: «كيف تصبح مديراً للوقت» لمؤلفه إيان كوبر. وقد جاء عن حياة المؤلف في الغلاف الخلفي للكتاب، انه عمل في حقل التنمية الذاتية لأكثر من ثلاثين عاماً، وقدّم نصائح في اختصاصه لمئات المؤسسات، وقام بتأليف اثني عشر كتاباً، إضافة إلى آلاف الخطب والمحاضرات في مختلف المنتديات والمؤتمرات والدورات.
يُثير المؤلف عدداً من النقاط من بينها أن مدير الوقت، هو من يتقن فن التحكّم في ملء وقته وإدارة حياته. وفي السبيل إلى تحقيق ذلك يرفض أسلوب القيام بكلّ شيء مرّة واحدة، وانه ليس هناك نظام تخطيطي واحد أو أسلوب فريد لإدارة الوقت، لأن عادة هدر الوقت قد تكون لدى أغلبنا، حصيلة عمر كامل للعادات السيئة والسلوكيات الخاطئة، والعلاج يحتاج إلى وقت.
على ضوء ذلك يركز المؤلف على مبادئ بسيطة من الحياة، سهلة التنفيذ يستطيع الكثير الالتزام بها دون عنت، لينعطف إلى القول بأن المعرفة هي ليست كلّ شيء، والمنطلق الذاتي يرتدّ بدوره إلى أسلوب الإنسان في التفكير وتوجهاته الخاصة، والمنهج الذي يتّبعه في إدارة وقته وحياته، إذ ان لكلّ واحد منا «شخصيته وطابعه الخاص في التعامل مع الوقت» (ص 18).
في مقدّمات تأسيس الرؤية، يمضي المؤلف للقول ان التخطيط للوقت، هو ببساطة «عملية التفكير في ما ستقوم به من اختيارات بشأن الكيفية التي ستمضي بها وقتك» (ص 22).
من الأمور التي يتميّز به هذا الكتاب على غيره، هو إدخال العامل الصحي في الوقت، فإدارة الإنسان صحته هي جزء من إدارته للوقت. وإلا فالإرهاق الناشئ عن العمل المتواصل وغياب الراحة، وقلة النوم، وعدم انتظام مواعيد الطعام، تؤدّي إلى خسائر كبيرة في الوقت. من الأرقام التي يسجلها أن نحو (91) مليون يوم عمل في العام يضيع سدى، ثلثها في الاجازات المرضية بسبب الإرهاق والتوتر العصبي، وإن 40 % من الطبقة العاملة لا يتناولون وجبة الإفطار، و(39 %) لا يتناولون وجبة الغداء.
من أشكال الإدارة الخاطئة للوقت، التركيز على العمل مقابل إهمال الإنسان لحياته الشخصية ولأسرته، في حين يفترض إن الإدارة الفضلى للوقت، هي من أجل إشباع احتياجات الإنسان الشخصية والأسرية، فإذا كانت الذات والأسرة هما الضحيتان، فما الجدوى من العمل وإدارة الوقت؟
كبقية الكتّاب الأميركان يؤمن المؤلف بقاعدة أو مبدأ باريتو؛ وهو المبدأ الذي يقضي بأن 80 % من النتائج المتحقّقة، تنشأ من 20 % من الجهد المبذول (ص 34).
من الإشارات المهمّة في مقامات تأسيس الرؤية، هو تحذيره من استمرار بعضنا في استعمال الوقت بصفقة خاسرة، فتستمر الخسارة. مثل استمرار بعضنا بعمل لا جدوى وراءه، أو مشروع متلكئ أو علاقة خاطئة، على أمل التصحيح أو الظفر بفرصة قد تعوّض الخسارة، وهذا ما يحصل كثيراً لأغلبنا.