شكر حاجم الصالحي
تعرفت عليه اوائل سبعينيات القرن المنصرم ، كان دمث الاخلاق طيب المعشر مبدعاً في صياغة الحان راقية و جميلة للعشرات من مطربي و مطربات العراق ، التقيت الفنان الكبير محمد نوشي لاول مرة في مشغل الخياطة الذي يمتلكه في منطقة السنك ببغداد المحروسة ، وكان مشغله مزداناً بحضور مبدعين من شعراء و مطربين ، حينها امتلكت شجاعة مفاتحته بالاطلاع على نصوص غنائية كنت قد كتبتها في سنوات سابقة ، وبلطف منه طلب أن أقرأ تلك النصوص وكنت تواقاً لسماع كلمة منه بصددها ، وبعد تأمل مشوب بالامل اشار عليَّ أن اترك له "مراسيل الهوى" و"يم رمش الذهب "و مازالت كلمته "بيهن لزمة "حاضرة في ذاكرتي معتزاً بمحمد نوشي اخاً مبدعاً وانساناً نبيلاً ، وفي ظهيرة تموزية حارقة استمعت من اذاعة بغداد لاغنيتي "يم رمش الذهب "بصوت المطرب الراحل عبد الزهرة مناتي، ولم تسع الدنيا فرحتي بهذا الانجاز المدهش ، ولم اتمالك هدوئي فاتصلت هاتفياً بابي وسام شاكراً و معربا عن اعجابي باللحن الذي صاغه وباداء مناتي المتميز ، ومما يؤسف له ان ارشيف الاذاعة والتلفزيون تناهبته اصابع (الحواسم ) خلال احداث 2003 وضاع الكثير مما تعتز به الذاكرة الجمعية من غناء و برامج مختلفة ، وعلى المعنيين البحث عن هذا الارشيف واعادة توثيقه مجددا بما يحفظه من تقادم السنين ، وبالرغم من كتابتي اكثر من ثلاثين نصا غنائيا تم تنفيذها اذاعيا وتلفزيونيا خلال السبعينيات ، الا ان "يم رمش الذهب " النص الغنائي الاول لي ما زال حاضرا وصالحا رغم مرور ما يقارب من نصف قرن من الزمن ولكم مطلعه الذي يقول :
عبري بيّه احدود الولايات
يم رمش الذهب
وامشي بيّه وشيلي بالضحكات
كل ذاك التعب
الدنيا خضره امرايه
بيها طيبه اهوايه
واحنه بجناح الفخاتي
نمر على الدنيا طرب
وهكذا كان محمد نوشي راعيا خلاقا للمواهب الجديدة ، مبدعا في انجاز الكثير من الاغنيات الجميلة التي ارتقت بذائقة الناس الى مواطن المحبة والالفة والشجن ، اما "مراسيل الهوى " فلي معها وقفة اخرى في حديث قادم ، فقد لحنها الراحل محمد نوشي وسجلتها المتألقة انوار عبد الوهاب بعد اكثر من ستة اشهر امضتها في مشغل ابي وسام .. رحم الله محمد نوشي ورحم الله عبد الزهرة مناتي وحفظ الله العراق وابناءه
الاصلاء.