عبدالهادي مهودر
قدم المخترعون خدمة عظيمة للبشرية وبالأخص مخترع الكهرباء (نور الله قبره) حتى تعالت النقاشات والأصوات في وضع اختراعه في ميزان حسناته كمطلب إنساني وشعبي عالمي والله يدخل في رحمته من يشاء، ولكن لا أحد يترحم على مخترع المسدس والبندقية الرشاشة والمدفع الذين قتل بسبب اختراعاتهم ملايين البشر عن قرب وعن بعد في الحرب والسلم، عمداً او غدراً او سهواً اثناء تنظيف السبطانة ونابض الإرجاع سيئ الصيت، وشتان بين توماس اديسون وبين صمويل كوليت الاميركي الذي اخترع المسدس او الورور او الطبنجة وتعددت الأسماء والموت واحد، وبين سلاح الكلاشنكوف او البندقية الآلية التي صممها الروسي ميخائيل كلاشنكوف خلال الحرب العالمية الثانية مستفيداً من شكل بندقية استخدمها الألمان قبله، وبين انتاج البارود كاختراع حربي صيني مدمر، وهكذا تطور السلاح دواليك بل تخلف عن مسار القوة النبيلة وأصبح أقل شجاعة وشهامة وأبعد عن المواجهة وأكثر غدراً وسهل على الضعفاء والمأجورين مهمة القتل غدرا وغيلة، ولا نريد الحديث عن تنامي قدرة الغدر في اختراع السلاح الكاتم الصوت فقد يتشعب الموضوع الى ما لا يحمد عقباه، ونعود بسرعة الى موضوعنا عن السيف كسلاح للشجعان والذي انتهى عهده منذ مئات السنين وذهب مع أهله الشجعان من جيل الطيبين الذين كانوا يقتلون خصومهم وجها لوجه او يغدرون بهم وجها لظهر، وفي كل الأحوال لا تتغير المسافة بين القاتل والقتيل فهي بحدود طول السيف، فيتم إلقاء القبض على القاتل الشجاع فورا والدم لما يزل يقطر من سيفه الصمصام، وفي التاريخ قصص كثيرة عن عمليات الاغتيال بالسيف التي يرى فيها المغدور قاتله بعينيه ويعاتبه ويعاقبه ويصدر عليه حكمه بنفسه بالقصاص ضربة بضربة او بالعفو والرحمة عند المقدرة، وفي أسوأ الأحوال يتمكن القاتل من الهرب، فيمسكه العسس في رأس الشارع ويعاد مكتوف اليدين مرفوع الرأس معترفا بجريمته من دون حاجة للتعذيب او تشكيل لجنة تحقيقية، وفي التاريخ أيضا قتلة تمكنوا من الهرب خارج الحدود بعد اكتشافهم، فالجرائم تكتمل أركانها بسرعة في عهد السيف الناطق فهو أصدق أنباءً من الكتبِ كما يقول الشاعر العربي ابو تمام المقرب من الخليفة العباسي المعتصم بالله، وأصدق وأشجع وأنبل من السلاح الصامت المستتر، حتى اذا تمكن عبد من سيده وجثا على صدره ليذبحه بالسيف يمتدحه قائلاً: (لقد ارتقيت مرتقى عظيماً أيها العبد الذليل) فينحر العبد سيده وعيناه في عينيه ويتخلص وجهاً لوجه من المرتقى الذي أذله، والسيف وأصحابه أشجع ألف مرة من مستخدمي المسدسات والبنادق والرشاشات الناطقة والكاتمة للصوت وساحبي حبال المدافع بعيدة المدى، وكم كان يوماً أسود في التاريخ ذلك الذي تحولت فيه الحروب من السيوف الى البنادق والقتل عن بعد بحيث أصبح الإنسان القاتل لا يعرف قتلاه وجرحاه ولا عددهم ولا يعرفونه ودماء الأبرياء ودموع أيتامهم لا تبرد ما دام القاتل مجهولاً، وكم رعديداً قتل عشرات الصناديد برمية مدفع عمياء او بإطلاقة من سلاح صاخب أو كاتم، وشتان بين توماس اديسون وبين صمويل كوليت المواطن الاميركي الذي اخترع المسدس او الورور او الطبنجة وتعددت الأسماء والموت واحد، وبين سلاح الكلاشنكوف او البندقية الآلية التي صممها المواطن الروسي ميخائيل كلاشنكوف خلال الحرب العالمية الثانية مستفيداً من شكل بندقية استخدمها الألمان قبله ، وليت العنف يتوقف عند هذا الحد فقد جاء الاختراع الصيني المدمر وانتجوا البارود وتطورت وسائل القتل الفردي والجماعي الذي تتعقد فيها عمليات إماطة اللثام عن القاتل ويبقى حرا طليقا بفضل اختراع القتلة الأحرار، صمويل كوليت وكلاشينكوف اللذين ماتا حتف أنفهما.. ولا نامت أعين الجبناء.