تنماز وزارة الثقافة والسياحة والآثار عن غيرها من الوزارات العراقية الأخرى لا سيما في سمتها الأشهر كوزارة للثقافة والمثقفين ، وميزتها هي ان اغلب كوادر هذه الوزارة هم من غير الموظفين فيها ؛ فالشاعر الذي يعود إبداعه الى رصيد وزارة الثقافة وسمعتها ليس شرطا أن يكون موظفا فيها ، ومثله القاص والروائي والفنان التشكيلي ، والناقد الأدبي والفني ؛ ولعل اغلب النقاد هم من الأوساط الجامعية ؛ وهذه الميزة تسهم في تذليل العقبات المالية فضلا عن ازدهار العملية الإبداعية على نفقة مالية من خارج ميزانية وزارة الثقافة .
والآن ، ونحن في بداية عام جديد ودورة حكومية جديدة لنا أن نشير إلى بعض نقاط التلكؤ التي اعاقت العمل الإبداعي في هذه الوزارة في الدورة السابقة ؛ ذلك لأن الوزارة أهملت جانب السياحة المدمج بها واكتفت بالآثار اسما مضافا لها ، فلم نشاهد كرنفالا سياحيا يستقطب السواح ويطلعهم على معالم العراق او على المنجز الأهم وهو الانتصار على داعش ، فلم تقم الوزارة باستقطاب الوفود العربية والاجنبية الى المناطق المحررة ليرى العالم جرائم ووحشية الإرهاب الداعشي ، ويرى ، ايضا ، إصرار العراقيين على تحرير مدنهم .
اكتفت الوزارة السابقة بكونها وزارة مهرجانات وليتها قامت بتفعيل المهرجانات الأدبية لتشمل السياحة والآثار من خلال إقامة ملتقى للثقافة والسياحة والآثار يتخلله مهرجان شعري وآخر للفن التشكيلي والسينما والمسرح في مكان يفترض أن يكون سياحيا وفيه آثار عراقية ضاربة جذورها في عمق التاريخ الحضاري
الإنساني .
لذلك يتطلع المثقفون العراقيون وكذلك العرب الى رؤية ثقافة عراق ما بعد الخراب الداعشي من خلال عمل جاد يكون تكاتفيا بين وزارة الثقافة والسياحة والآثار وبين بقية الوزارات التي تصب مخرجاتها في مصلحة الثقافة ، فضلا عن التعاون الجاد مع الاتحادات والنقابات ذات العلاقة لاسيما نقابة الفنانين والاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق ، ولعل المصادفة تكمن في الانطلاقة المشتركة ، حيث نقابة الفنانين بتشكيلتها الحالية لم يمض وقت طويل على انتخاب هيئتها الجديدة ، بينما يستعد الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق لانتخاب إدارة جديدة في نيسان المقبل ، وهي فرصة كبيرة لوضع خطة تجمع المشتركات بين هذه المؤسسات للنهوض بالثقافة العراقية وانعاش السياحة وتسليط الضوء الثقافي على آثار العراق وإرثه الحضاري . نتمنى أن تكون وزارة الثقافة والسياحة والآثار وزارة إبداع ومبدعين لا وزارة موظفين ورواتب ، لأن لها خصوصية كبيرة ومسؤولية أكبر في نقل وجه العراق المشرق بعد حقبة من الحروب والدمار ؛ وكلنا ثقة بمدعينا والوزارة الجديدة ان يكونوا بمستوى التحديات التي خاضها العراق وخرج منها منتصرا عسكريا ؛ لكن الانتصار الثقافي والمدني يقع على عاتق المثقفين والمسؤولين عن الشأن الثقافي العراقي.