ذوالفقار يوسف
من يمر على هذا العنوان لا يخطر على باله غير أنّ المرأة العراقية لا بدَّ أنْ تتساوى في حق الأجر كما الرجل، ولكن في العراق يختلف هذا الأمر، وبالرغم من الحدود المرسومة لعمل المرأة ومشاركتها في المجتمع، إلا أنَّ هناك فارقاً واضحاً في الأجور، فالعمل والانتاج والثروة الوطنية لا بدَّ أنْ يشارك فيها كلا الجنسين ولكنْ بمساواة بين الأعمال والأجور، إضافة الى مناهضة صور وأشكال التمييز، إلا أنَّ هذه المرة قد صار الرجل هو من يقبع في طابور النسيان.
فقدان الأمل
لم تكن هموم بعض الرجال في صعوبة استحصال فرص العمل، بل صار هناك همٌ آخر يقضي على آمالهم في العيش الكريم، فمن التعيينات في كلا القطاعين الحكومي والخاص، أضحت المرأة هي التي تعتلي عرش القبول، ومراعاة مدى تقبل أصحاب الشأن وتفضيل المرأة العاملة على الرجل بالأعمال والأجور، وهذا ما أوضحه تحسين الشمري (36 عاماً)، بعد أنْ فقد الأمل في البحث عن وظيفة ويقول: «لقد اخترت عدة أماكن للبحث عن العمل، بعد تيقني بأنَّ البعض من هذه الشركات لا تستقبل الرجال وتوظفهم، لذلك لم أتعب نفسي بالدخول لها وتقديم خدماتي».
المظهر أولاً
وكما تحسين هناك الكثيرون الذين أجبروا على امتهان أعمال لا تليق بتعليمهم وإمكانياتهم، فمحمد رحيم (26 عاماً) الذي تخرج في جامعته منذ سنوات، استسلم ليعمل في أحد المطاعم كمندوبٍ لتوصيل الأكلات الجاهزة، ألقى بهمومه لتتصدر سطورنا هذه ويقول: «لقد قدمت على العديد من الوظائف في الدوائر الحكوميَّة، إلا أنَّ ما جعلني أستسلم هو مشاهدتي لأحد المقاطع المتداولة في برامج التواصل الاجتماعي، يظهر فيها عامل نظافة كان قد وجد كومة ضخمة من ملفات التقديم على الوظائف، ما جعلني أتوجه نحو القطاع الخاص لأجد حاجزاً آخر وقد سدَّ عليّ الطريق، فالقبول هناك على المظهر، فإنْ كنت رجلاً ذا وجه حسن وتسريحة معينة فقد يحالفك الحظ، أما إذا كنت فتاة جميلة فحتماً ستكون ذا حظ عظيم، وسأبصم لك بأنك ستكون الأول في الفوز بالوظيفة».
«ليديز فيرست»
يقال والعهدة على القائل، بأنَّ الحدث وراء مقولة «السيدات أولاً»، هو رجل وامرأة قد قررا الانتحار بسبب الظروف التي منعتهم من الزواج من بعض بعد حبٍ دام لسنوات، وبعد أنْ أقبلا على حافة هاوية تؤدي الى البحر، قرر الشاب أنْ يقفز وفعل ذلك ومات، أما الفتاة فقد عادت الى القرية وتزوجت، وعندما سمع أهل القرية بذلك أطلقوا هذه المقولة، أما في العراق فقد صارت للنساء أولوية في العمل إضافة الى الأجور التي تختلف عن الرجال، أمير علي (37 عاماً) كان إحدى ضحايا هذه التفرقة من أرباب العمل حيث يقول: «لقد كنت من العاملين المجتهدين في الشركة، إضافة الى مدة خدمتي لهذه المؤسسة وأمانتي وحرصي على الإنتاج بصورة مستمرة، إلا أنَّ ما حطم معنوياتي هو تعيين إحدى الفتيات لتكون مسؤولة، فضلاً عن الأجر الذي أعطي لها وهو أكثر من مرتبي بمرة، وعندما شكوت الى رب العمل ظليمتي، أجابني «السيدات أولا!».
طموح حسن
أضحى شباب العراق يائسين وقد رضوا بأي عمل يجدونه أمامهم، فالفرص في هذه الأوقات مستحيلة، ومع الوضع في البلاد الذي نزل اقتصادياً نحو الأسفل، وحتى الأعمال الحرة باتت تنحسر يوماً بعد آخر، هذا ما وافقنا عليه حسن جبار (26 عاماً) وقال: «أعمل منذ الصغر بتغليف البيوت بالأحجار، ومع تفشي جائحة كورونا في البلاد قلَّ الطلب على هذه المهنة، لأنَّ البناء قد توقف بسبب الخوف من تردي الأوضاع الاقتصاديَّة أكثر من الآن، لذلك حاولت ما باستطاعتي أنْ أبحث عن عملٍ آخر، لهذا كانت عملية البحث بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنني فوجئت بوجود أغلبية طلب العمال على العنصر النسوي، فشركات الطيران، ومراكز التجميل وغيرها من الأعمال تقتصر على النساء فقط، في هذه اللحظة عاتبت والدتي بمقولة لم أصدق أنني سأقولها يوماً وقلت «لماذا ولدت رجلاً في زمن النساء؟!».