المرأة أكثر اتزانا من الرجل بالقيادة

ريبورتاج 2020/09/20
...

   أمل الموسوي

أمينة علي صائب الرحال المحامية التي منحت لها أول إجازة سوق عراقيَّة في العام 1936، فقد كانت الدول حينها تخلو من العجلات في شوارعها، ورغم ذلك تباينت آراء الشارع العراقي بين مؤيدٍ ومعارضٍ في أسلوب قيادة المرأة، ومدى آهليتها بالخوض في غمار معترك الصعوبات التي تواجهها في الشارع العراقي.
لم تكن هذه بداية تاريخ قيادة المرأة العراقية للعجلة، فقد نشرت إحدى الصفحات المتخصصة بتاريخ وحضارة العراق (بابل بوابة الالهة) صورة لتمثال طيني لامرأة سومرية تقود عجلة يجرها حصان يعود تاريخها لأكثر من 5000 عام.
 
قاطعة الطريق
أقدمت العديد من النساء على اتخاذ قرار بشراء مركبة تساعدهن على ترك مواصلات النقل العامة، فتلك التي عانت من التأخير الدائم بسبب عدم التزام صاحب مركبة النقل العام (الفورتات) بالحد المعين من الراكبين، وأخرى قد عانت من تكلفة النقل بواسطة سيارات الأجرة الخاصة، لذلك كان الحل الأمثل هو اقتناء مركبة خاصة تعينهن وتخدمهن في أمور حياتهن، وكما العديدات منهن قررت بثينة يوسف (34 عاماً) وهي طبيبة رعاية، أنْ تشتري إحدى المركبات الصغيرة لتذهب بها من منزلها الى العيادة الخاصة بها إذ تقول: «لقد كان في ظني أنَّ المشكلة الوحيدة هي توفير النقود لشراء العجلة، إلا عندما قدت العجلة في شوارع العاصمة، وجدت نفسي في خضم معركة طاحنة، فالكل يتسابق لأجل أنْ يكون الأول، ومع تعلمي للقيادة من خلال شركات التعليم، جعلني ذلك التزم بالسرعة المحددة والتعليمات والقوانين المروريَّة، وعند عودتي الى المنزل، أعلمت زوجي بأنني قد اكتسبت لقباً أثناء قيادتي للمركبة، فقد صاح بي أحدهم بعصبيَّة (اتحركي يا كاطعة الطريق!)».
 
مضايقة متعمدة
لم تسلم تلك المرأة التي تقود عجلتها في الطريق من الرجال، إنما زاد على ذلك تلك النساء اللاتي يحاولن تعلم القيادة، إذ إنَّ من ضروريات التعلم وكسر حاجز الخوف من الشوارع وزحامها، هو الخروج الى الطريق العام وتقييم مدى آهليتها لقيادة العجلة، فاطمة محمد (27 عاماً) قالت بعد أنْ قررت ألا تقتني العجلة: «لولا وجود دواسة مكابح أخرى قرب معلم القيادة، لكنت الآن في المستشفى، لأنَّ الموقف كاد أنْ يسبب حادثاً قد يؤذي كلينا، إذ إنَّ أحد الشباب اليافعين وهو يقود عجلته شد انتباهه بأنني أقود تحت التدريب، وهذا ما جعله يضايق العجلة لعلمه بأنني لا أعرف القيادة، حاولت التملص منه، ولكنه أعادة الكرة بإصرار، ومن هذا الموقف أقسمت بأنَّ هذا آخر يوم لي لتعلمي القيادة».
«فيتر بلاش»
بالرغم من تعلم النساء ضروريات القيادة في الطريق، يتم تعليمها أيضاً كيفيَّة مواجهة المواقف والأحداث التي قد تواجهها في أحد الأيام أثناء قيادتها، فدورات الميكانيك المرافقة للتعليم، والإشارات المروريَّة ومعانيها، وغيرها من الأمور، لا بدَّ أنْ يعرفها كل من يقود المركبة، أسماء عزيز (29 عاماً) تحدثنا عن أحد المواقف التي واجهتها أثناء عطل عجلتها في أحد شوارع العاصمة وتقول: «لم أكن أعلم بأنَّ الغيرة والنخوة اللتين يمتلكهما الرجال العراقيون، إلا بعد أنْ توقفت سيارتي بسبب عطل فيها، ولأنني لم أعرف كيفية التعامل مع هذا العطل، رفعت غطاء المحرك لأحاول معالجة المشكلة، حينها تفاجأت بثلاث مركبات وقد رُصفت أمام مركبتي، ليخرج من كل واحدة رجل، ليقول لي (بسيطة راح نلكة المشكلة ونعالجها)، وآخر يقول وهو لم ير ما في محرك العجلة، إن العطل بسبب قطع كهربائي، والثالث وهو يبتسم لهم قائلاً (اثنينكم متعرفون العطل وين)، وقد تجمدت في مكاني بسبب هذا الموقف الذي جعل كل الرجال فجأة ميكانيكي مركبات».
 
فن وذوق وأخلاق
ارتداء حزام الأمان، القيادة بالسرعة المحددة، ومراعاة الإشارات المروريَّة، وجميع الإرشادات التي من همها جعل النظام سائداً في الشارع، ففي النهاية القيادة فن واحترام ونظام لا بدَّ من الالتزام به، وما المرأة إلا مكملة لهذا المجتمع ولها من الحقوق كما الرجل في كل شيء، إلا أنَّ سائق سيارة الأجرة عادل إبراهيم (32 عاماً) يعارضنا الرأي ويقول: «ليس لدي أدنى شك بأنَّ للمرأة حقوقاً كما للرجل، ولكنَّ هناك أموراً يصعب على المرأة فعلها كما يفعلها الرجل، وأولها قيادة المركبات في شوارع العراق، فهي بطيئة في تحكمها بعجلتها، وتحدث إرباكاً في السير، لا تنظر الى المرآة الخلفيَّة والجانبيَّة، وردود أفعالها في القيادة تخلو من الخبرة، وخصوصاً ونحن في شوارع قد ترهلت بالعجلات، ورغم تطبيقها لشروط الأمان والسلامة، إلا أنَّ سرعة القرار هي أهم شيء لتلافي الحوادث».
 
خلاصة
المتحدث باسم مديريَّة المرور العامة الرائد فادي الخزعلي أكد أنَّه «لا توجد إحصائية بالوقت الحاضر لأعداد الحوادث المروريَّة التي قد تحدث نتيجة لقيادة المرأة»، وأضاف قائلاً: «إنَّ الحوادث المروريَّة تحصل نتيجة خطأ إما من سائق المركبة، أو لعطل في المركبة ذاتها، فضلاً عن عدم التزام سائقي المركبات بقواعد السير والمرور العالميَّة».
يشير الخزعلي: «لا توجد إحصائيات للحوادث التي تتسبب بها قيادة المرأة، ولكنْ بصورة عامة إنَّ أعداد الحوادث التي تقع بالنسبة للمركبات التي يقودها الرجال، هي أكثر بكثير من الحوادث التي تحصل نتيجة قيادة المرأة، كونها أكثر التزاماً بقواعد السير والمرور وأهدأ في قيادتها للمركبة من الرجل».