دبلوماسية المصالح.. لا القبلات!!

الثانية والثالثة 2019/01/09
...

سالم مشكور
 
خلال زيارة الرئيس برهم صالح لأنقرة جرى الحديث عن اتفاقات وصفحة جديدة من العلاقات بين البلدين.
هذا لا يكفي، فقد كانت هناك زيارات رفيعة المستوى خلال الحكومات السابقة أعلن فيها عن تفاهمات واتفاقات، بل أن أحداها شهدت توقيع 43 مذكرة تفاهم، شكا الاتراك بان أيّاً منها لم تجرِ متابعته.
الشكوى التركية الدائمة هي أن المسؤولين العراقيين يزورون أنقرة ويتفقون على أمور يجري نسيانها أو تناسيها بمجرد العودة الى العراق.
شكواهم صحيحة، وهي لا تخص الاتفاقات مع تركيا فقط بل تعم علاقاتنا الخارجية ككل. 
تنقصنا متابعة الملفات لتثميرها بغض النظر عن المسؤول الذي قد يتغير.
منطق اننا نعمل لدولة وليس لشخص، غائب عن أداء الكثيرين، والإعلام وتسجيل النقاط أمام الاخرين هو الحاكم لتصرفات الكثيرين. 
باختصار: لم نملك حتى الان دولة متكاملة بل اقطاعيات حزبية وشخصية.
لنبقى في العلاقات مع تركيا، فقد أهملناها حتى خسرنا الكثير، وليس أوضح من خسارتنا في تدفق داعش عبر الأراضي التركية، واتجاه أنقرة الى علاقات نفطية غير شرعية مع الإقليم ما زالت مستمرة حتى اليوم. مشكلتنا أننا لا نجيد لعبة المصالح وهي عماد العلاقات بين الدول.
تركيا تملك المياه التي نحتاجها، ونحن نملك النفط والغاز الذي تحتاجه تركيا بشدة. لم نتجاوب مع طلباتهم لتأمين النفط لهم فاندفعوا الى تقوية علاقات مباشرة مع الإقليم وحصلوا على أكثر مما كانوا يريدون، وبثمن بخس، يذهب الى جيوب أشخاص في الإقليم وليس الى الحكومة الفدرالية. بعد إعادة كركوك الى الشرعية تعهدت تركيا بتسليم العراق قيمة النفط المصدر عبرها، لكنها لم تفعل، وبذمتها اليوم سبعة عشر مليار دولار حكمت بها محكمة دولية لصالح العراق. هاجسهم الثاني هو الامن وهذا ما يستدعي تعاوناً وثيقاً مع العراق.
ربما تكون زيارة الرئيس برهم صالح مختلفة عن زيارات سبقتها. فرغم انه رئيس محدود الصلاحيات في نظام برلماني، الا ان تحرّكه الخارجي النشيط يشير الى تفاهم مع رئيس الحكومة على تولي ملف العلاقات الخارجية تساعده في ذلك الدبلوماسية العراقية ممثلة بوزارة الخارجية. هذا يبعث على التفاؤل بأن صفحة علاقاتنا الإقليمية ستشهد تنشيطاً ومتابعةً لن تتحقق إلا بتعامل حازم مع كل عوامل الإعاقة الداخلية للتطبيع مع الجيران. 
أغلب مشاكلنا ناتج عن سوء إدارتنا لعلاقاتنا الخارجية، خصوصاً مع الجيران، والعلاقات بين الدول تقوم على المصالح وليس العناق والقبلات.