سِلال غذائية بديلاً لموائد المواكب

ريبورتاج 2020/09/22
...

   بغداد: إبراهيم هلال العبودي
      تصوير: علي الغرباوي
كل عام وتنتهز الأرواح هذه الايام لتطلق عنان العشق، وتعترف القلوب بمضامين خلجاتها في حب الحسين وايامه، ويحاول ان يصل لحضرة ذلك الشهيد المقدس بنذوره ليتقرب الى ربه، فمنهم من كتب قصائد الحزن على مصابه، وآخر قد فتح ابواب منزله لاستقبال زائريه، وثالث قد جمع مبلغاً من المال ليتصدق به طلباً لشفاعة سبط النبي الاكرم، مسطرين بذلك اروع ملاحم الانسانية، فقبل ذلك هم يحتفون بقدوتهم الملائكيَّة.
 
كفوف العطاء
دعا آية الله العظمى علي السيستاني، المرجع الأعلى لكثير من المسلمين في العالم، وناشد المؤمنين الصلاة في المنازل لخطورة الوباء المستشري في العالم، وحثهم أخذ الاحتياطات الكاملة، مثل لبس الكمامات والقفازات، والالتزام بتوصيات خلية الازمة لتجنب الاصابة، ودعا ايضا الى توزيع الطعام بشكل مجاني بين الجميع، خصوصاً المتعففين والمحتاجين منهم.
الشيخ ماجد الساعدي ممثل المرجعية العليا في مدينة الصدر أكد أن "المرجعية أوصت في بيانها قبيل شهر محرم، أن يكون التوزيع بين المواطنين والزائرين بأوانٍ جاهزة ومغلفة، حفاظا على سلامتهم من الوباء المنتشر، اما من ناحية توزيع المساعدات، فهذا الشيء ضروري في ازمتنا الاقتصادية هذه، والالتزام بهذه الشعيرة خوفا من الاندثار، وحث الاخوة لتحويل الطعام إلى مواد جافة ومعلبة، وبالتعاون مع بعض الاخوة المتطوعين، لإيصال هذه المساعدات إلى الأسر المتعففة لعدم مقدرتنا واستطاعتنا على حماية المعزين من التجمعات في ظل تفشي وانتشار فيروس (كورونا).
 
بديل ضروري
اعتاد بعض اصحاب المواكب بنصب السرادق واقامة موائد الطعام في كل سنة، خدمة للزائرين في هذه الايام المقدسة، الا ان كل شيء قد تغير ما ان أقبل الوباء، لذلك اقتضى الامر بأخذ الاحتياطات للحد من تفشي المرض.
اوضح صاحب موكب السيدة رقية (ع) السيد احمد صدام الربيعي"عند ذهابنا الى كربلاء في العاشر من محرم الحرام رأينا الوضع طبيعيا جداً، من حيث اعداد الزوار، وتوزيع الاكل والشرب والخدمات، اضافة الى ان هناك جماعات مسؤولة عن التعفير والوضع الصحي، وهذا ما شجعنا وزاد من عزيمتنا واصرارنا في الاستمرار بخدمة الزائرين، اما نحن كأصحاب الموكب أخذنا الاحتياطات من حيث توزيع الطعام والشراب، وقمنا بتوزيعه بأطباق مغلفة ومغلقة مصنوعة من الفلين لسهولة اغلاقها حفاظا على صحة الزائرين".
أما من ناحية الشراب فبين الربيعي "كانت تعبئته بأكواب ذات استعمال واحد، فضلا عن التزام خدمّة الموكب بالتعفير المستمر، ولبس الكمامات والكفوف وابتعاد الزائرين عن بعضهم البعض بمسافة المتر عند المبيت، كما خصصنا ملاكا توعويا يقوم بتوجيه الزائرين، حسب توجيهات المرجعية العليا وخلية الازمة ووزارة الصحة، ومن ضمنها، الالتزام بالاكل الصحي، وعدم كشف المأكولات التي تقدم للزائرين حفاظا على صحة الزائرين ورميها في الطرقات، اما من ناحية الطعام وطبخه في هذا العام هو اقل، وذلك للأزمة الحالية التي تمر بها البلاد، ونقوم بمساعدة الفقراء والمعوزين من خلال بعض الأموال التي لم نقم بصرفها على المواكب".
 
التكافل المجتمعي
اما المواطن عباس خلف الكناني احد خَدمة العتبة العباسية حث بعض اصحاب المواكب على أن هناك بعض الفقراء يستفيدون بشكل فعلي من هذه الولائم، وهذه تشكل صورة من صور التكافل المجتمعي، وإن كانت تمثل عادة متأصلة ومنتشرة بين الأسر، منذ أزمنة بعيدة. حيث أكد" أن عدم الطبخ وتوزيع الطعام الطازج في الشوارع العامة تجنبا لتفشي فيروس (كورونا) جراء الازدحام، والاكتفاء بتوزيع السِلال الغذائية والطعام بين منازل العوائل المتعففة، بينما ابدى اصحاب المواكب المنتشرة دعمها لهذه الخطوة من خلال تلك المواد وتوزيعها بين الفقراء".
 
لا تهلكوا
الشيخ سعد الساعدي امام حسينية ابي الفضل العباس يحدثنا" لا بدَّ من تصوير مسيرة الحسين الانسانية من خلال بث التوجيهات التوعوية، والابتعاد عن اللامبالاة بخطورة الوباء، وعدم تعريض الناس الى خطر العدوى، فالاسلام أوصى بألا ترموا انفسكم بالتهلكة، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وما رعية المواطن الا نفسه واخوه، ولا بدّ لنا من التكاتف في هذه الازمة، واستغلال موائد الامام لمساعدة أسرنا المحتاجة والمتعففة، فهذه وصية الأئمة المعصومين وآل بيت النبوة، وعلى رأسهم نبينا الكريم".
حدثتنا ام احمد صاحبة احدى الأسر المتعففة وقالت: " إن البعض من اصحاب المواكب هذا العام اغرقنا بفضله من خلال توزيع الطعام المخصص للمواكب من مواد غذائية، كالرز والسمن والعدس والحمص والطحين"، موضحة بأنه "كان في السابق نستحصل على القليل من المواد، لكون اكثر المواكب المنتشرة في بغداد والمحافظات، يقومون بالطبخ للزوار والضيوف الذين يقدمون من خارج البلاد".