متى نعود الى مدارسنا؟

ريبورتاج 2020/09/24
...

   بغداد: سرور العلي
 
تعتمد أغلب الدول على فئة معينة من مجتمعها، وتعطى الأولوية في مراعاة احتياجاتهم، فضلاً عن رعايتهم بشكل مطلق، فهم صناع مستقبل هذا البلد، وجيله الذي لا بدّ من أنْ ينال استحقاق العناية، وصد كل الأزمات عنه، هم اطفالنا وشباب المستقبل واعمدة الوطن، الذي سيقف عليها في احد الايام، لذلك لا بدَّ من التخطيط الدقيق لأبعادهم عن الخطر مهما تطلب الامر.
 
بينما تبدو الطفلة ملاك أحمد فرحة بعودة المدارس قريبا ومن حين لآخر تنظر لملابسها المدرسية الجديدة المعلقة، تشعر والدتها بالرهبة من الأمر بسبب جائحة كورونا، والتي ما زال أمرها غامضا وملتبسا على الجميع، لاسيما أن أغلب المدن ما زال الفيروس مسيطرا عليها، في ظل الوضع الصحي المتدهور، الذي يشدد على البقاء في المنزل.
 
مخاوف
لم يمهل الوباء حدود العمر للهروب منه، فهو كائن محارب للحياة بكل اشكالها، يوضح لنا الأكاديمي نصير الجبوري: "كيف يمكننا أن ننتزع الهاتف والانترنت من يد التلميذ والطالب، ونفهمه أن الكتاب المدرسي هو الأفضل نحو طريق الاجتهاد العلمي، بعد أنْ جعلنا الوباء نلتجئ الى التعليم الالكتروني، اذ إنَّ هذه المشكلة تحتاج إلى علاج نفسي مستمر، يقع على عاتق المدرسة، والتي ينبغي أن تكون مؤهلة لاستقبال هذه المشكلات مع بذل جهود في محاولة إعادة الدروس بشكل مختصر للسنة الماضية، كون التعليم أمانة ورسالة سامية بيد المعلمين، وإلا سنواجه جيلا متراكما من فاقدي الثقة بالعملية التعليمية في العراق، مع انعدام الاحترام للمؤسسات التربوية، من غير المتعلمين رغم اجتيازهم للمراحل الدراسيَّة".
 
نجاح بلا امتحان
بالتأكيد عند العودة إلى مقاعد الدراسة ستواجه الهيئات التربوية والتعليمية الكثير من المشكلات الناتجة من انقطاع الدراسة بسبب الحظر الصحي المنزلي الطوعي، وغلق المدارس للحد من تفشي الوباء.
إذ يوضح لنا الاستاذ نصير" أنَّ أولى هذه المشكلات هي المعاناة النفسية للتراكمات السابقة، لاسيما أن اغلب التلاميذ كان نجاحهم بأسلوب مخالف لما هو معتاد من امتحانات وتواصل وبذل الجهود في المنافسة، وإنما نجاح في زمن كورونا من خلال قرارات غير مدروسة بعناية من وزارة التربية، بإعطاء كم من الدرجات للطلبة وصلت إلى خمس درجات، وهذا ولد حالة غريبة للتلميذ في الصف الأول الابتدائي إذ اعتبر ناجحا، وإن كان عنده درجة صفر في القراءة، وهذا ينطبق على طلبة الصفوف الأخرى، والتي تعد المراحل الأساسية لإعداد التلميذ". 
 
عطلة إجباريَّة
اعتمد العديد من الطلبة على معدل درجات مواد النجاح لبقية الدروس رغم عدم أداء امتحان نصف السنة، فضلا عن بعض الأسر التي لم يكن لها الدور في متابعة الأبناء، وعدم الاهتمام بتدريسهم خلال فترة ، وإنما تركت الأبناء في مصائد اللعب الالكتروني مع توفر الانترنت في كل المنازل، إذا إننا نواجه مشكلات أكبر من كورونا التي يمكن التعايش معها وتفاديها بالوقاية والتعقيم، ومشكلات النجاح للعودة إلى الحياة الدراسية الطبيعية".
 
عودة آمنة
ونتيجة لارتفاع الإصابات اضطرت معظم دول العالم بإغلاق مدارسها في الأشهر الماضية والانتقال إلى "التعلم عن بعد"، وأوصت منظمة اليونيسيف قبل بدء العام الدراسي الجديد، بعدة توجيهات صحية ومنها، التعقيم الشامل والدوري في المدارس، وتطبيق التباعد الاجتماعي بين مقاعد الطلبة.
تحدثت التدريسية فاتن محمد (35عاما):"أنصح الآباء والأمهات بتشجيع الأطفال على ارتداء الكمامة، واستخدام المعقمات والالتزام بالتباعد الاجتماعي، وخروج الطفل في نزهة قبل العودة للمدرسة بأسابيع بسبب حالة العزلة المنزلية التي كان يعيشها الطفل، حيث يجب تعويدهم على روتين مواعيد النوم لكسب المناعة والتحصين ضد الوباء".
وتابعت"تنظيم دوام المدارس على فترات لتقليص عدد التلاميذ، ومنع التجمعات، وتهيئة بيئة صالحة ومشجعة للطفل لضمان عودته، وتدريب المعلمين والإداريين والمعلمين على ممارسة التباعد الاجتماعي، والحرص على النظافة الصحية بداخل المدرسة، وتوفير اختبارات الكشف عن كورونا ".
 
حق التعلم
يرى أحمد داوود (33 عاماً) "أن المدرسة تقدم للتلاميذ مهارات عديدة ومنها، الحياتية والاجتماعية والحركية، وهي لا تتحقق من خلال التعلم عن بعد، كما أن توفير جو نفسي خاص لهم قد لا يجدونه في منازلهم، والحضور إلى المدرسة يحقق التعليم للجميع". 
واستدرك "على المدرسة توفير أدوات التعقيم في الصفوف الدراسية وغرف المعلمين وفي دورات المياه، وأن يكون الدوام صباحا ومساءً للحد من الزحام ولتحقيق التباعد، وتوفير التهوية الجيدة داخل الصفوف، والتشديد على غسل اليدين باستمرار، وتعاون الأسر مع الملاك المدرسي لضمان سلامة التلاميذ وتجاوز الأزمة بأقل الخسائر".