وجوه ونساء وأماكن من بغداد

ثقافة 2019/01/11
...

دبي / ظافر جلود 
يُقام حاليا في قاعة المعارض الكبرى بمبنى مؤسسة العويس الثقافية بدبي المعرض الفني (الجوهرة 2) للفنانة التشكيلية الإماراتية فاطمة لوتاه، التي علّمتها بغداد خطوط الرسم والألوان وعشق الرسم ومعرفة اسراره الجميلة من وجوه وأماكن لاتزال تعيش في ذاكرتها الخصبة.
 درست الفنانة فاطمة لوتاه الفنون الجميلة "الرسم" بكلية الفنون الجميلة ببغداد قبل ثلاثة عقود، فكانت ترى بغداد المكان الذي فجّر العشق بينها وبين فن الرسم وخطوطه، وبين الألوان وخطوط القلم الأسود، حينها انفجر الحب، وتعمّق اكثر اثناء دراستها  في الولايات المتحدة التي ذهبت إليها بعد فترة الدراسة في بغداد، فبدأت التعرّف إليه "الفن التشكيلي" بصورة أعمق، اما في إيطاليا فقد بدأت طريق الاحتراف فكان عطرها رائحة اللون، وكحلها من الفحم، هنا بدأ التداخل ولم يعد باستطاعتها التخلي عنه لحظة واحدة، فأصبحت تتنفّس وتفكّر فناً، وكما تقول : أصبحت أنا هو وهو أنا، كل ذلك بالتأكيد من تأثيرات بغداد مدينة الاساطير والحكايات
 والمدن.
وتضيف لوتاه لـ"الصباح" : رغم أن فترة الدراسة في بغداد، كانت قصيرة ولكنّها كانت بالنسبة لي مركّزة ومكثّفة في خيالي وصداها في عملي، فكنت محظوظة بتلقي الدراسة على يد أحسن الفنانين العراقيين وعلى رأسهم الفنان التشكيلي العراقي الخالد فائق حسن، كذلك الاخرون الذين علّموني كيف أمسك الأدوات وكيف أتعامل معها، وهذه المرحلة هي التي تعلّمت فيها "المهنة" وفي قلبي للآن تتردد كلمة "شكراً" لكل من التقيت بهم في ممرات الأكاديمية وقاعات بغداد الكبرى للفن التشكيلي ومسارحها الغنيّة بالفكر والتنوّع لذلك فإنّي كثيرة الحنين للرموز وبالذات الفنان المسرحي الكبير الدكتور جواد الأسدي.
سألتها، ألّا تفكرين بإقامة معرضك المقبل في بغداد، قالت، تلك من أمنياتي السعيدة أن أعود لبغداد بمعرض لاسيما أنّي أحتفظ بالذاكرة الجميلة لمدن ووجوه وأزقة وحكايات مجسّدة في لوحاتي الذي أحتفظ بها في مرسمي على أمل أن نسافر معا باتجاه مدينة الحب والسلام والمعرفة بغداد، وشعب توّاق للمعرفة والعلوم والفنون.  لديَّ أمل كبير بأن أكون ببغداد قريبا.
وتستمر لوتاه لتؤكد: ان ما تعلّمته في بغداد يمثل البدايات الناصعة لي فهي تقف بالصدارة على مستوى العالم العربي للفن التشكيلي، فتقول :"إنّنا لا ينقصنا كفنانين ورسامين إلّا التواضع، لأنّ الإنسان دون تواضع لا يمكن أن يصل أو يؤسس لتراكمات حضارية حالية، والتي هي في العادة صدى لفترات أقدم، فالفن وسيلة إلى الجمال والسمو ومن المفروض أن تنسجم الروح العامة مع استخدام أدواته.
معرضها الجديد ضمَّ نحو خمسين عملاً فنيّاً بين رسم وتشكيل وتكوين، إذ قامت الفنان فاطمة لوتاه بتقسيم المعرض إلى أجزاء حضر فيها الشأن المحلي والعربي وخاصة التطورات السياسية التي عصفت ببعض الدول العربية، فالمأساة السورية كانت جلية من خلال الوجوه التائهة والحزينة ومن خلال المساحات الزرقاء التي ترمز لحركة المهاجرين عبر البحر، وكذلك كانت الالوان السوداء طاغية بملامح نساء عراقيات في لوحات جدارية كبيرة ترمز الى التراث والحزن العراقي المستمر، فضلاً عن الحضور الخليجي لنساء طوراً بثياب زاهية وأخرى بوجوه تراثية بدت أقرب إلى الاحتفاء بقيمة المرأة في المجتمع.
وقدّمت الفنانة شرحاً لأعمالها خلال جولة مطوّلة في المعرض ودار حوار ثقافي مع زوارها عن العمق الفلسفي للوحة، وما تمثله من بُعد فكري يعكس رؤية الفنان لقضايا تحيط به أو قضايا يتأثر بها.
يذكر أنّ فاطمة لوتاه كان لها حضور إيجابي خلال شهر أغسطس/آب الماضي عندما سلّطت أعمالها الضوء على التراث الإماراتي، وعرضت على واجهة برج ناسداك في ساحة تايمز سكوير في نيويورك. إذ اختيرت فاطمة ضمن برنامج الفنان المقيم وهو برنامج أطلقته شركة ناسداك لتدعم الفنانين المحلّيين، لعرض أعمالهم أمام المارّة في سوق الأسهم الأميركية، وزوّار ساحة تايمز سكوير في نيويورك.
درست فاطمة لوتاه الفن بأكاديمية بغداد للفنون، وفي الجامعة الأميركية (قسم الفن) بواشنطن، واحترفت الفن في إيطاليا منذ العام 1984. إذ أقامت العديد من المعارض الخاصة والمشتركة في كل من: روما، ميلانو، ريجو، ايميليا، بريشيا، ميونخ، جنيف، باريس، واشنطن، البحرين، الدوحة، القاهرة، دلهي.