الآبارُ تموتُ واقفةً

ثقافة 2019/01/11
...

جبار عودة الخطاط
السجن علَّمه
أن ينام وهو واقف
هو لا يحتاج الى غرفة نوم
ولا  سرير
ولا مساحة أرض بحجم طوله
حسبه اطلاق جفنيه 
كلما داهمه النعاس في المصعد
أو في الباص أو في الشارع
و حتى.... 
حين كان 
يمارس نشاطه الجمعي في الطابور 
يغفو كثيرا ريثما يأتي دوره
.... في نومه الأخير
حين مات - وقوفا طبعا -
أوصى بدفنه عموديا 
أهله فرحوا بذلك
لأنَّه لن يكلفهم سوى ربع قبر
وربما يدفن في فوهة بئر عتيقة
جفَّ ماؤها وماتتْ
.... 
الآبار 
كما النخيل تموت واقفة!
**
في هجرتي الأولى لأوربا
قبل ثلاثين عاما
أقصد أمس الأول
كنا خمسة أشخاص 
على ظهر قارب محكمٍ
في عرض البحر
أنا الطفل جابر 
وأربعة شبان من قريتنا
قال الاربعة لي: 
"لا بدَّ أن تنزل فالمركب
لا يتسع لخمسة أفراد"
ومن دون نقاش 
ألقيت بنفسي للحوت 
فأبتلعني بحنوٍّ
نمت في بطنه هانئا
حتى أوصلني لوجهتي 
في شواطئ  أيطاليا 
وهناك قرأت خبراً عن غرق قارب
يحمل أربعة شبان 
أبتلعهم البحر بوحشية
...... ماتوا