نهضة علي
بدا ابو هيثم منفعلاً، بعد أن كان ينادي بصوت عالٍ، صوب مجموعة من اولاد كانوا يحاولون تحريك إحدى الارائك في مكان عام، عندما انهوا لعبتهم بالقفز نحو سندانة النباتات المجاورة لها، مبعثرين نباتها، اذ تكلم معهم بان ذلك تصرف غير لائق، متسائلاً في نفسه، متى سنصل الى مستوى المسؤولية في الحفاظ على الجمالية والنظافة، والنباتات التي تحسن البيئة الموجودة من اجلنا؟.
مؤكداً "ان الكثير من الاولاد والمتسولين والذين يلعبون خارج المنازل، تعودوا على العبث بالممتلكات التي تعد ملكاً عاماً، او يتعمدون قطف النباتات المزروعة، او استخدام أساليب لعب غير مقصودة، تؤثر في مظهر الشوارع
ونظافتها".
واضاف ابو هيثم لـ "الصباح" ان "الذين يقصدون الدول الاخرى، يلمسون اهمية النظافة ورونق الشوارع وجمالية المدينة، حيث القانون الصارم والعقاب على رمي النفايات، او بقايا العلب في الشوارع اثناء المسير، او قذفها من خارج العجلات، وهم لايختلفون عنا بشيء، سوى أن وعيهم اكثر، إلا إن افتقار مدننا الى الخدمات، هو مايجعلنا لا نكون بمستوى الوعي المطلوب".
دليل الوعي
ولم يقف الامر عند ابي هيثم، اذ لم تتوان السيدة خلود بطرق ابواب جيرانها، لتحذرهم بعدم رمي النفايات هنا وهناك، والاهتمام بنظافة الزقاق بعد أن تم تبليطه واكتسى رصيفاً بالوان جميلة، اذ قالت لـ "الصباح" انها "ترى بنظافة الحي السكني، دليلاً لوعي وثقافة الشخص
والاسرة".
متذمرة من الذين لايلتزمون بالحفاظ على النظافة والاهتمام بالزقاق، مطالبة بالابتعاد عن وضع الصبات الكونكريتية الكبيرة التي تقطع استمرارية المسير، او اختيار اماكن لتكون مكب نفايات لبيوت غير مشغولة، فضلاً عن رمي الأكياس وقناني الماء الفارغة، والاغلفة واعقاب السكائر والأكياس ومخلفات المنزل وغيرها، والاهتمام بجمالية المناطق ونظافتها.
فرق جوالة
بشأن الجهود الحكومية المبذولة في نظافة المناطق السكنية، يحدثنا عن هذا الجانب معاون مدير بلدية كركوك، مفيد ابراهيم، قائلاً ان "خطة بلدية كركوك عادة ماتعتمد على مقدار المبالغ المخصصة لمشروع التنظيفات، ومصادر التمويل وواردات البلدية والمنح التشغيلية، وايضا تخصيصات المحافظة من البترودولار، اذ يتم تنظيم كشوفات على وفق ما مخصص، بالاضافة الى زج آليات البلدية المخصصة".
مشيراً الى أن عملهم يتم وفق جدول لتغطية جميع المناطق، وذلك بتوزيع الآليات والعمال على القواطع البلدية، ويكون وفق الكثافة السكانية على القواطع، يضاف اليه الفرق الجوالة التي تقوم بتنظيف الارصفة وحافات الشوارع
والجزرات".
وبين ابراهيم "ان المدينة حالياً تشهد تعبيد شوارع، واقامة مشاريع اعادة تأهيل، ما يتطلب من السكان الاهتمام اكثر بنظافتها والحفاظ على المنجز من المشاريع، اذ شملت بالتوزيع وحسب الاولوية والحاجة الى التنظيفات والاهتمامات الجمالية بالنباتات
والارصفة".
مضيفاً "ان عملهم لم يتوقف عند النظافة ورفع النفايات، انما هناك شركات مختصة بالتنظيف، والاهتمام بالجزرات الوسطية مقابل وضع الاعلانات الضوئية فيها، فضلاً عن توجه المديرية الى الاهتمام بالحدائق العامة وممتلكاتها من خلال حملات تطلقها، لذلك تم توفير عمال وآليات لادامة النباتات والاشجار فيها، والتي تعد ذات اهمية مكملة لمظهر الشوارع".
"كورونا" والنظافة
وعن الاثر البيئي للنظافة اكد لـ "الصباح" الخبير في البيئة والملوثات خالد احمد كريم "ان الاهتمام بالنظافة والحث عليها، خاصة نظافة المناطق السكنية، هو من اجل واقع بيئي متطور، اذ يمكن تحقيقه من خلال تعاون افراد المجتمع مع المؤسسة والدائرة العاملة في هذا المجال، ويكون تعاون الافراد عبر تنمية الوعي البيئي لديهم، والحرص على الملك العام، لان ايجاد مناطق متكاملة النظافة هو من اجل سلامتهم وصحتهم وصحة افراد اسرهم، ولكن تنعدم لدى البعض هذه السمة دون قصد او نتيجة التنشئة الخاطئة داخل الاسرة".
وبين كريم "ان جائحة كورونا وبالرغم من ضررها، الا انها كان لها الاثر الايجابي في البيئة، بعد توقف اكثر النشاطات والمعامل الصناعية، وتوقف الافراد عن مزاولة الاعمال اليومية والتزامهم بالحجر وعدم استخدام السيارات، ما ادى الى تقليل طرح ملوثات البيئة من الابخرة والغازات والمخلفات، ورفع نسبة النقاوة في الهواء، وبالرغم من ان الفيروس مرض مزعج، الا ان فترته ظهرت نتائجها بتحسين البيئة على مستوى عالمي، اضافة الى أن ترك الناس لاعمالهم وتواجدهم لوقت طويل في البيوت، جعلهم يتوجهون الى الاهتمامات القديمة، بتشجير واجهات المنازل، وترتيب حدائق البيوت، ونوعية النباتات فيها، وكثرة ظهور الارشادات والتوعية، من خلال وسائل الاعلام والملصقات، وفرق الصحة التي تؤكد على النظافة والاهتمام بها من جميع النواحي، ايضاً كان لها اثرها في تنمية الوعي، لدى الكثير والذهاب نحو دقة الاستخدامات بالتنظيف والتعقيم، وعدم رمي النفايات باماكن
مكشوفة".
مضيفاً "ان ذلك له اثره ايضاً في تلطيف الاجواء، وكذلك تبني بعض المؤسسات والمنظمات لحملات التشجير، والاهتمام بالنباتات، وحث الاسر على زراعتها، تعد نقطة ايجابية نحو انتشار الوعي البيئي ، ودعا الجهات المسؤولة الى الاهتمام بنظافة المدن والشوارع، فهي ملكنا وتعكس المستوى الثقافي نحو النظافة والرقي، من خلال تفعيل قرارات الغرامة عند رمي الاوساخ والمخلفات في الشارع ومحاسبة من يقوم بذلك من المارة وسائقي العجلات ومستخدمي الاماكن
العامة".