بغداد: حسين فالح
يرى اقتصاديون أنَّ الورقة البيضاء التي قدمتها الحكومة تتضمن إصلاحات جذريَّة للاقتصاد الريعي، لافتين الى أنها حددت الرؤية الاقتصادية الواضحة للحكومة للمضي باتجاه تفعيل القطاعات الإنتاجيّة وتنويع موارد البلاد غير النفطيَّة وتحقيق التنمية المستدامة، بينما طالبوا بإضافة بعض المقترحات التي من شأنها تعظيم الموارد الماليّة للدولة.
ويقول الخبير الاقتصادي صفوان قصي في تصريح لـ"الصباح": إنَّ "عملية وجود ورقة بيضاء قابلة للنقاش من قبل جهات مختلفة على المستوى الأكاديمي والأحزاب السياسيَّة تفتح المجال لوضع اللمسات على هذه الورقة".
اعتماد مدخلٍ جديدٍ للتمويل
واضاف أنَّ "الورقة قائمة على أساس نقل الاقتصاد العراقي من التمويل الحكومي الى التفكير بالتمويل من خلال المصارف وأسواق المال بمعنى اعتماد التنمية الاقتصادية على مدخل جديد للتمويل وهو تحريك المدخرات باتجاه المصارف العراقية".وتابع: "ومن ثم إعادة تمويل القطاع الخاص لكي يكون هو القائد، فضلاً عن تحرير جزءٍ من رأس المال العاطل على مستوى الوزارات الاتحادية"، لافتاً الى أنَّ "بعض الوزارات تمتلك شركات خاسرة بإمكان هذه الشركات أنْ تباع من خلال أسواق المال وتحريك جزءٍ من رأس المال الحكومي وبالتالي يكون هناك إيراد جديد لوزارة الماليّة".وأشار الى أنَّ "النظرة البعيدة لهذه الورقة بحيث تحاول تخفيض الإنفاق أو الدعم الحكومي باتجاه وزارة الصناعة أو وزارة الزراعة، إذ هناك رواتب بقسم من دوائر هذه الوزارات تدفع من قبل وزارة المالية في حين إنَّ هذه الوزارات يفترض أنْ تكون مستقلة مالياً"، مبيناً أنه "عملياً هناك تخفيضٌ للتمويل بشكلٍ تدريجي على مستوى 30 بالمئة سنوياً لحين الوصول الى أنْ تكون هذه الوزارات مستقلة من الناحية الماليَّة".
تحديد سعر صرف ذكي
وأكد قصي أنَّ "الورقة بحاجة الى أنْ تكون أداة لتحريك الاقتصاد العراقي إضافة الى منافذ بيع العملة من الممكن إعادة النظر بسعر الصرف"، مطالباً بإضافة بعض المقترحات على الورقة لإنضاجها كتحديد سعر صرف ذكي يميز ما بين نوع البضاعة المستوردة".
وتابع أنَّ "هناك سلعاً استهلاكية يفترض ألا يتم بيع الدولار لها بالسعر الرسمي أي على مستوى 1182 تكون للنشاط الاستثماري أو شراء السلع التي من الممكن أنْ تخلق فرص عمل داخل العراق، أما دون ذلك فيكون أكثر من سعر صرف بالاعتماد على نوع السلع المستوردة".
ولفت الى أنَّ "عملية رفع سعر الصرف ستجعل هناك إيرادات سريعة ستتدفق الى البنك المركزي وبالإمكان من خلالها أنْْ يتم تقليل العجز، اضافة الى موضوع الحد الاعلى للرواتب على مستوى جميع الفئات هذا فضلاً عما يدخل بموضوع عدالة سلم الرواتب وهذا يحتاج الى تشريعات".وأوضح أنَّ "الورقة سميت بالبيضاء إذا كان لدى البرلمان العراقي تعديلٌ لمسارها باتجاه آخر لا بأس بذلك لكن عملياً الشراكة ما بين الحكومة والبرلمان في تغيير مسار الإنفاق العام والبحث عن موارد جديدة هو النهج الحتمي لأنَّ العراق الآن غير مخيرٍ بعدم تمرير هذه الورقة".
ومضى بالقول إنَّ "تنضيج الورقة لا بأس به لكن تعطيلها يعني استمرار العراق بالعجز في تمويل بنود الرواتب والرعاية الاجتماعية، لأنّه بخلاف ذلك سنلجأ الى الاحتياط النقدي والكوارث الاقتصادية المترتبة عن هذا الموضوع".