محمد شريف أبو ميسم
لا يقتصر مفهوم اعادة هيكلة القطاع المصرفي، على اعادة النظر برساميل المصارف، بما يتناسب ودورها في عملية التنمية، مع ادخال التقانات والنظم الالكترونية التي تسهم في تطوير الأداء واختزال حلقات الترهل، بجانب محور التدريب والتطوير الخاص برفع كفاءة العاملين في سياق الحرص على تقديم أفضل الخدمات بتكلفة
تنافسية.
اذ ينسحب مفهوم اعادة الهيكلة الى عملية الاندماج بين المصارف الصغيرة لإنشاء مصارف كبيرة يمكنها تقديم خدمات مصرفية متنوعة و متكاملة، بينما يرى البعض من المراقبين في مفهوم “اعادة هيكلة القطاع المصرفي” اشارة الى امكانية خصخصة المصارف الحكومية في سياق التحول من نظام اقتصاد الدولة نحو نظام
السوق.
وقد ورد في المحور الثاني أولا من الورقة البيضاء التي قدمتها الحكومة ما يشير الى معالجة مستوى رساميل المصارف الحكومية كافة، وهي اشارة تبشر نحو الميل باتجاه اقتصاد السوق الاجتماعية الذي تتشارك فيه الدولة مع القطاع الخاص في العديد من الحلقات والمحاور
الاقتصادية.
بيد ان المصارف الحكومية توصف قانونا بانها شركات عامة، وهذه الشركات أشير لها في الفقرة رابعا من نفس المحور بفقرة مفادها (تشريع قانون لاعادة هيكلة الشركات العامة وتحويلها الى شركات خاصة) عبر دراسة الوضع المالي وتقييم قابليتها على الاستمرار، بينما أكدت هذه الفقرة على تقييم الشركات بين ناجحة تتم خصخصتها كليا أو جزئيا، أو تحويلها الى شركات مساهمة مختلطة، ومتعثرة تتم اعادة هيكلتها لتحويلها الى شركات ناجحة خلال ثلاث سنوات، وفاشلة تتم تصفيتها، مع معالجة الترهل الوظيفي في هذه الشركات بعد الاجراءات السابقة من خلال تحويل العمالة الفائضة الى الأشغال العامة.
الأمر الذي يوحي للقارئ ان المصارف الحكومية الذي يعاني بعضها اختلالات مالية، مرشحة الى الدمج وهي لا تتجاوز سبعة مصارف، أو للخصخصة ، خلال المدة الزمنية التي حددتها الورقة، في وقت لا يشغل فيه القطاع المصرفي الخاص أكثر من عشرة بالمئة من مساحة التداولات المصرفية بحسب مؤشرات رأس المال ومعدلات الائتمان ونسب الودائع المعلنة، في وقت يراد له أن يقود عملية سحب الكتلة النقدية المكتنزة وتدويرها في ساحة التداول، والمساهمة في خلق تنمية حقيقية والتمهيد لتدفقات رأس المال الأجنبي، ما يرجح الحاجة لدعم العملاقين «الرافدين والرشيد» بمؤازرة المصرف العراقي للتجارة، لتولي مرحلة التكيف في آلية اصلاح المالية
العامة.