بغداد: حيدر الربيعي
حذر مختصان بالشأن الاقتصادي، من مخاطر استمرار تأخر توزيع رواتب الموظفين والمتقاعدين والمشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية، مؤكدين أن ذلك الأمر ألقى بظلاله على مجمل الحركة الاقتصادية في العراق، وأسهم بشكل كبير في حصول انكماش يمكن ان يؤدي الى مزيد من الخسائر الاقتصادية، لاسيما في القطاع الخاص.
واحتدم الجدل مؤخرا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بشأن آلية تأمين رواتب الموظفين، حيث القت الحكومة الكرة في مرمى البرلمان، حينما اشترطت عليه اقرار قانون الاقتراض لتتمكن من توزيع الرواتب، في حين يرى مجلس النواب، أن العجز المالي ناجم عن عدم ايجاد منافذ تمويلية للموازنة غير ايرادات النفط.
آثار كارثيَّة
الخبير الاقتصادي، باسم جميل انطوان، يرى خلال حديثه لـ»الصباح» أن» التأخر الناجم في توزيع مرتبات قرابة 4,5 مليون موظف، و 2،5 مليون متقاعد، فضلا عن أكثر من مليون مشمول بشبكة الحماية الاجماعية، سيترك آثارا «كارثية» على الحركة الاقتصادية في العراق، لاسيما ان هؤلاء أصبحوا المحرك الرئيس للسوق العراقية، وان الرواتب الشهرية هي العامل الذي يبنى عليه حركة السوق بشكل كلي».
ويلفت انطوان، الى أن “القطاع الخاص، اصبح جزءا رئيسا من حركة الرواتب، وان ديمومة عمله واستمرار نشاطه يرتبطان بشكل وثيق مع توزيع تلك المرتبات بين مستحقيها، فضلا عن بقية القطاعات، التي تشكل حلقة متكاملة مع ما يتقاضاه الموظفون والمتقاعدون، الامر الذي تسبب بحصول ركود خطير في مختلف القطاعات سببه التأخير بتوزيع تلك المستحقات”.
استحقاقات ماليَّة
ويبين الخبير الاقتصادي، ان»الموظفين تترتب عليهم استحقاقات مالية واجبة الدفع للعديد من الجهات الاخرى، كأن تكون قروضا او ايجارات او أجور كهرباء وبقية الخدمات، التي يضطر الموظف لتسديدها بداية كل شهر، وهو الامر الذي ترك آثارا سلبية كبيرة على هذه الشريحة، جراء عدم تسديد تلك المستحقات بسبب تأخر توزيع الرواتب، وبالتالي حمل الموظفين اعباء مالية تراكمية».
ويحذر انطوان، من أن” استمرار هذه الحالة سيحول الدولة الى مستهلكة، ويترك اثارا اجتماعية خطيرة، يمكن أن تؤدي الى حصول نكسة في التعليم والصحة ومختلف المجالات” مبينا أن” الحلول لتجاوز تلك الازمة، تكمن في التوجه نحو مقررات الورقة البيضاء، المتمثلة في تقليل الاعتماد على الواردات النفطية وتقليل الاستيراد وتفعيل القطاعات الانتاجية المحلية المختلفة، والعمل على انهاء البطالة والقضاء على الفقر”.
انكماش الإنفاق
ولم تبتعد الخبيرة الاقتصادية، الدكتورة سلامة سميسم عن الرأي السابق، حينما أكدت حصول ارتفاع في اسعار المواد الغذائية، قابله انكماش في الأنفاق بسبب تأخر توزيع الرواتب.
وتلفت سميسم، في حديث لـ”الصباح” الى أنَّ” أجور ورواتب الموظفين العاملين في الدولة والمتقاعدين، تشكل الاساس لتحريك قوى الطلب داخل المجتمع”، مؤكدة أن”هذا الطلب ليس عاديا، انما موجه للسلع الاستهلاكية، تحديدا الغذائية، وبالتالي فإن وجود هذا الطلب كفيل بتحريك الاقتصاد نحو مزيد من الفعالية، سواء في مجالات الانتاج او الاستيراد”.
وتشير الى أنَّ عجلة الاقتصاد عندما تبدأ بالتوقف، تبادر السلطات بتحريك هذا الطلب، وليس العكس، حيث ان تحريك الطلب ينقذ البلد من حالة الانكماش والركود التي يصل إليها.ـ