عين إيران على الانتخابات الأميركية

قضايا عربية ودولية 2020/10/27
...

 طهران : دريد زهير
 
سبعة أيام مصيرية لإيران قبل الانتخابات الأميركية 3 تشرين الثاني، تتوجس فيها من فوز مرشح جمهوري اتخذ العقوبات كمنهج لإجبار طهران على الجلوس الى طاولة للتفاوض يرى القادة الايرانيون أنها حلبة للتنازل ليس إلا، أو مرشح ديمقراطي قد ينهج سبيل سلفه الحزبي في التعامل المخملي مع الجمهورية الاسلامية.
وبات الخيار للجمهورية الإسلامية أن تنتهج نفس السياسة تجاه جو بايدن كما فعلت تجاه باراك أوباما؛ أو البقاء صلدة أمام الفائز المحتمل، فكان نهج طهران تجاه أوباما هو تسجيل أكبر عدد ممكن من النقاط ولكن دون الدخول في حل أزمة التطبيع، في المقابل حاولت إدارة أوباما تقديم التنازلات مستهدفة إضعاف برنامج إيران النووي وفتح كوة في جدار العلاقات ليصبح مدخلاً للتفاهم في ملفات التدخل الاقليمي والصواريخ الباليستية، تاركةً لغز التطبيع بين البلدين من دون حل، ليتمكن الرئيس ترامب من تضييق الخناق بسببه.
فقدان فرصة التعامل المباشر بين البلدين استخدمه الرئيس الجمهوري لتضييق الخناق وتعقيد الأمر لدرجة أبعد فيها إيران الغنية بالنفط عن دائرة مصدري النفط العالميين، وأنهى حلم ايران بصرف عشرات المليارات من الدولارات المودعة في البنوك العالمية بعد تجميد أرصدتها، ومنع الشركات الصغرى قبل الكبرى من التعاون مع إيران، وقطع شرايين المصارف الإيرانية مؤخراً، لينخفض الناتج المحلي الى ما دون الصفر وتتضاعف نسب التضخم. على الرغم من أن السياسة الرسمية للجمهورية الإسلامية هي التصريح بـ"عدم الاكتراث" بمن سيفوز في الانتخابات الأميركية كما أشار مندوب المرشد الأعلى الايراني في الحرس الثوري الشيخ "علي شيرازي"، لكنهم لا يستطيعون إخفاء رغبتهم بالتخلص من شخص يقطن البيت الأبيض يدعى "ترامب" لخرقه قواعد الدبلوماسية والعمل بالاتقاقيات، وقد لا تكون تلك الرغبة محصورة بإيران بل تطلعات الأوروبيين تكشف أحيانًا عن رغبتهم بذلك أيضاً لتخليصهم من مأزق تنفيذ التعهدات الأممية التي هددهم الرئيس الحالي بأقسى العقوبات إن نفذوها. القلق الرئيس الذي يبدو واضحاً بين مسؤولي الجمهورية الإسلامية بشأن فوز ترامب المحتمل هو أن يؤدي ذلك إلى حصار الجمهورية الإسلامية وتكثيف متصاعد للضغوط بشكل أكبر، ومن جهة متباينة، عدم وجود هذا الأرق بشأن جو بايدن لتأكيده خلال حملته الانتخابية العودة الى الاتفاق النووي، وبالتالي المشاركة في مفاوضات تفتح باب التكهنات على مصراعيه، قد تنتج تقارباً مع الحكومة الأميركية كما حدث في فترة إدارة أوباما التي كان بايدن يشغل موقع نائب الرئيس فيها. إحياء الاتفاق النووي هو السبب الذي سيمكن جميع الأطراف مستقبلا من العمل جنباً الى جنب كشركاء، فمع رفع العقوبات سيكون شرط إيران قد تحقق بالسماح للولايات المتحدة بالتفاوض واستخدام جميع ما نصت عليه الاتفاقيات من سبل لعرقلة مشروعها النووي، وستحصل واشنطن على كامل الحقوق بإعادة العقوبات الدولية التي لم ينجح ترامب بتنفيذها. ويشير المحلل السياسي الايراني "إدوارد هرميداس" الى أن "العقبة الأكثر أهمية أمام التقارب بين مواقف إيران والولايات المتحدة؛ هي فرض تلك العقوبات الشديدة على إيران، ولهذا السبب، لن يتحقق التقارب بين إيران والولايات المتحدة حتى يتم تعديل هذه العقوبات أو رفعها". 
يجب الإذعان أن انتصار جو بايدن بمقعد الرئاسة الاميركية لن يكون له تأثير سحري على أوضاع ايران الاقتصادية؛ بل مجرد انفراج محدود في مجال التجارة مع العالم، لوجود أكثر من ملف شائك قد يعيق التفاهم الشامل مع الادارة الأميركية، ولذا يرى المراقبون أن الجمهورية الاسلامية بحاجة الى تغيير جذري في سياساتها لتحصيل أكبر قدر من التفاهم مع الادارة الأميركية الجديدة.
ليس من الأهمية بالنسبة للشعب الإيراني حدوث جميع ذلك في الأشهر المتبقية من عمر حكومة الشيخ حسن روحاني الاصلاحية أو بوجود حكومة يقودها المحافظون مستقبلاً، فهم مدركون أن وصول حكومة يقودها بايدن يعد فرصة مؤاتية لإعادة الثقة الضائعة مع الولايات المتحدة وتحقيق المصالح الوطنية ضمن الإطار الثلاثي الذي وضعه المرشد الأعلى الايراني السيد علي خامنئي للسياسة الخارجية وهي: (الكرامة والحكمة والمصالح).