الورقة البيضاء والمصارف

اقتصادية 2020/10/30
...

ثامر الهيمص
 
لا شك أنَّ الورقة البيضاء لا يمكن حشرها بتيار او ايديولوجيا او طيف سياسي او اجتماعي او عقائدي معين، كونها ارتفعت بالهم العراقي فوق الهويات الفرعية، لذا تعد خارطة طريق لمرونتها وموضوعيتها وعراقيتها.
فالمصارف الأهليَّة، تعثرت لأسبابٍ موضوعية في الغالب، انعكاساً لعدم الاستقرار في جميع الصعد، فالورقة البيضاء شخصت وكتبت الوصفة، ولكن هناك من يقول إننا نسمع منذ 17 سنة بأن هناك اعادة هيكلة لمصرفي الرشيد والرافدين. وهما مع باقي المصارف الرسمية يستحوذان على 90 بالمئة من الكتلة النقدية. ومن دون إعادة الهيكلة يبقى احتكار العمل المصرفي حكوميا، لذلك تصبح الهيكلة هي البنية التحتية التي يرتكز عليها القطاعان العام والخاص في المصارف عموما بما فيها المصارف الاجنبية كأفق مشجع. 
ولغرض تأطير البنية التحتية بإعادة هيكلة مصرفي الرافدين والرشيد، ينبغي تحديد الهوية الاقتصادية استجابة لتحديات التجربة الحالية، بمرارتها، بين ريعية نفطية وما كشفت عنه من هشاشة من خلال مؤشرات الورقة البيضاء.
فرأس المال ليس جباناً كما يُشاع بقدر ما هو موضوعي وعملي، اذ يصل حد المجازفة في أحيان كثيرة، فالظروف الموضوعية للعمل المصرفي في ضوء ما ورد في الورقة، شخصت وجود عمالة رخيصة في ضوء بطالة بلغت نسبتها 31 بالمئة بين الشباب، مع 6000 مشروع متلكئ، وشركات حكومية ومعامل تخسر وتدفع الدولة كلفها من الخزينة العامة لتصبح عبئا ماليا على 
الموازنة .
 في المقابل لدينا سيولة تشجع الناس على شراء سلع استهلاكية من خلال سلف أو قروض مختلفة تطلقها المصارف، قد تنظم بالتنسيق مع جمعيات استهلاكية والمصارف الحكومية وشركات الدفع الالكتروني، لكن هناك مشكلة في التسديد حاليا تتمثل بتأخر دفع الرواتب.
ولذلك ركزت الورقة على التأمين لتغطية المخاطر، كما ورد في ص56 من الورقة الفقرة 4 بإعادة النظر بقانون المصرف الصناعي وزيادة رأسماله، لغرض توسيع قاعدة اعماله، وتقديمه كأنموذج لاصلاح المصارف الحكومية الاخرى. 
إذن فالورقة البيضاء وضعت يدها على خلل أقل مايقال عنه أنه أساسي، فالبنك المركزي يبقى المشرف على ادوار المصارف بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بسلاسة وقوانين وتعليمات لا تقبل الاجتهاد ليتسنى للمصارف الاهلية لعب دور اساس في التنمية المستدامة التي من دونها تعود المصارف لدور لا تحسد عليه.ـ