محمد شريف أبو ميسم
قد لا يتفق البعض أن قرار خفض أسعار البنزين المحسن من 850 دينارا الى 650 دينارا يأتي في سياق تدريجي لتنفيذ سياسة تحرير أسعار المحروقات التي تندرج في اطار برنامج الاصلاح الاقتصادي، لا بل يشكك البعض بصحة ما ورد بشأن زيادة الايرادات من بيع البنزين المحسن، على اعتبار ان حاجة البلاد من هذه السلعة تتم تغطيته من الاستيراد. وهنا يكون من المفيد مراجعة بيانات وتصريحات وزارة النفط خلال السنة الحالية.
ففي العاشر من آيار الماضي أعلن ايقاف استيراد البنزين، جراء انخفاض معدل الاستهلاك بالتزامن مع تطبيق الحظر الناجم عن تفشي جائحة كورونا، وادخال وحدات ازمرة لتحسين نوعية البنزين في كل من مصفى الدورة ومصفى الشعيبة في اطار برنامج يستهدف ادخال مثل هذه الوحدات لجميع المصافي العراقية. وسبق أن وقعت الوزارة في 2018 اتفاقا لبناء مصفاة نفطية قرب مدينة كركوك، بطاقة تبلغ نحو 70 ألف برميل يوميا من البنزين المحسن، بعد الإعلان عن خطط لبناء مصفاة في ميناء الفاو وثلاثة مصاف أخرى في الناصرية والأنبار
والقيارة.
وبحسب مسؤولين في الوزارة، فان العراق يستهلك كميات تتراوح بين 18 ـ 25 مليون لتر يوميا تبعا لموسمي الصيف والشتاء، وان ما توفره المصافي المحلية بداية العام الحالي يقارب 15 مليون لتر يوميا، الا ان عودة الانتاج في مصفى بيجي (صلاح الدين1) بكامل طاقته البالغة 70 ألف برميل يوميا، واقتراب تأهيل (صلاح الدين 2) بطاقة 70 ألف برميل يوميا زادا من الطاقة الانتاجية، بينما تتوقع الوزارة الوصول بالطاقة الانتاجية في بيجي الى أربعة ملايين لتر يوميا مع نهاية العام الحالي، أملا بالوصول الى تسعة ملايين لتر مع ادخال مصفى الشمال الى العمل بعد انجاز المرحلة الأخيرة من عمليات
التأهيل.
من جانب آخر فان الأبصار ترنو صوب مصفى كربلاء، بعد أن وصلت نسب الانجاز الى مراحلها الأخيرة، ما سيسهم بتوفير ما يقارب 9 ملايين لتر من البنزين المحسن، وعليه فان من المتوقع أن يزداد المعروض في سياق تدريجي مقابل انحسار كميات البنزين العادي وهذا ما يفسر قول الوزارة ان خفض سعر هذا النوع من البنزين سيسهم في زيادة الايرادات غير النفطية، علاوة على ما سيحققه بشأن سياسة تحرير أسعار المحروقات، وفي مقدمتها
البنزين.
وتحرير الأسعار هذا يعد مفصلا مهما من مفاصل شروط الاصلاح الاقتصادي التي يطالب بها الصندوق والبنك
الدوليان.