إصلاح القطاع العام

اقتصادية 2020/11/03
...

سعد الطائي
يمثل القطاع العام في العراق القطاع المهيمن على أغلب المجالات الاقتصادية وشبه الكلي لجميع النشاطات الاقتصادية الرئيسة، بينما يأتي القطاع الخاص منزوياً وراءه بمراحل كبيرة، مما أوجد حالة عدم توازن أو تقارب بين هذين القطاعين المهمين في الدولة وجعل من القطاع الخاص قطاعاً هامشياً سواء في مجالات العمل أو التشغيل أو الإنتاجية أو في تحقيق الموارد المالية المساهمة في الموازنة العامة.
وقد أدى الاعتماد المفرط على القطاع العام في جميع النشاطات الاقتصادية وفي الغالبية العظمى من المشاريع الخدمية والصناعية والتجارية وغيرها من أنواع المشاريع الاقتصادية الى تضخم هذا القطاع بصورة هائلة جداً، ويمثل التشغيل وتوفير فرص العمل والتوظيف أبرز أوجه هذه المشكلة المزمنة.
فاتجاه اغلب المواطنين هو العمل في القطاع العام لما يوفره من ضمان لفرصة العمل التي يتم الحصول عليها وعدم الاستغناء عن خدماتهم مستقبلاً عكس القطاع الخاص الذي لا تتوافر به هذه الضمانات فضلاً عن مزايا الأجور والحوافز والتقاعد. 
مما جعل من هذا القطاع جاذباً لملايين الأشخاص الذين يشكل لهم أمنية يسعون لتحقيقها بكل ما يستطيعون.
وتولد عن التشغيل المفرط للأيدي العاملة في القطاع العام عن حاجة أو عن غير حاجة فعلية، وهو الامر الحاصل في غالب الأحيان، الى تفاقم معضلة البطالة المقنعة وتزايد هدر الطاقات البشرية.
الامر الذي يحتم العمل على إصلاح القطاع العام في العراق، وهو ما يتم باعتماد ستراتيجية شاملة للإصلاح تقوم على دراسات علمية في تحديد بنى هذا القطاع ومشكلاته وأزماته وعوامل تكونها وأسبابها ومظاهر القوة والضعف في كل مؤسسة أو منشأة من مؤسساته ومنشآته من اجل العمل على وضع الحلول العلمية والعملية اللازمة للتخلص من مشكلاته وازماته، كما انه يتوجب العمل على إعادة بنية القطاع العام وهيكلته بالصورة المثلى وبالشكل الذي يحقق أقصى الفوائد الاقتصادية منه وبالشكل الذي يجعل منه مواكباً للاقتصاديات الحديثة. 
وأن يصار الى التخلص من معضلة البطالة المقنعة بأن يتم توجيه هذه القوى العاملة الى خطوط إنتاجية جديدة داخل المؤسسة أو المنشأة وأن يتم استثمار قدراتهم بالشكل الصحيح وبما يحقق الفوائد المرجوة من تشغيلهم. وأن يتم تشغيل الايدي العاملة مستقبلاً حسب الحاجة الفعلية لكل مؤسسة أو منشأة اقتصادية.
إن العمل على إصلاح القطاع العام في العراق يعد من الضرورات المهمة جداً لما له من علاقة وطيدة في إصلاح الاقتصاد الوطني بشكل عام وبما يوفر بيئة اقتصادية سليمة ومستدامة تكون مدخلاً لإحداث نهضة اقتصادية مستقبلية في الاقتصاد العراقي.