د. باسم الابراهيمي
لكي تنجح أي خطة او ستراتيجية لا بدَّ أن نكون قادرين على قياس الاثر الذي يتحقق منها على الارض، بكلمة أخرى لا بد من "رقمنة" الخطة او الستراتيجية لكي يكون الكلام مستندا الى معطى علمي، اما اذا لم يكن لدينا مؤشرات رقمية لمقايسة التطبيق فإن ذلك سيقود الى الجدل بشأن النجاح من
عدمه.
اذ يصبح عند ذاك مبني على الاجتهاد والانطباع الذاتي، وهذا الامر قابل للاختلاف، وهو ما ينطبق الى حد كبير على معظم الستراتيجيات السابقة ان لم نقل جلها، إذ نجدها تضمنت في أبوابها أهدافا غير قابلة للقياس او أهدافا قابلة للقياس ولكن من دون الإعلان عن "رقمنتها"، أي بقيت مفتوحة السقف وتعتمد على التوصيف في النهاية.
هذا الامر يعد سببا رئيسا لعدم نجاح الخطط السابقة وعدم القدرة على متابعتها او رقابتها لتحديد مدى النجاح والفشل في التنفيذ لاسيما مع عدم تحديد جهة معينة للرقابة على التنفيذ لديها القدرة على المحاسبة وإعلان النتائج أمام الجمهور.
لذلك ما يثير المخاوف اليوم ان يتم العمل بالورقة البيضاء التي أعلنتها الحكومة وان نصل الى النتائج السابقة نفسها التي وصلت لها الخطط السابقة، وهذا الامر يدعونا الى التأكيد على أهمية "رقمنتها" أي تحديد أرقام محددة لأهدافها يتم وضعها وفقا لمعطيات واقعية تأخذ بنظر الاعتبار التغيرات المحتملة على مدى سنوات الخطة.
ومن ثم المساعدة في عملية التنفيذ والتقييم لاحقا لمدى نجاح كل جهة في الوصول الى الأهداف الخاصة
بها.
في هذا السياق نعيد التأكيد على مقترح سبق وأن قدمناه يتضمن قيام اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء بمتابعة تنفيذ الورقة، لكونها جهة أعلى من وزارة فضلا عن كونها تضم الوزارات الاقتصادية والجهات غير المرتبطة بوزارة، ذات الطابع الاقتصادي، كما يمكن الاستعانة ببعض الخبراء من القطاع الخاص في اجتماعاتها ليتم تقييم الإنجاز ومتطلبات
النجاح.
اما اذا بقيت الورقة باهداف عامة غير رقمية ولم يتم تحديد جهة عليا لمتابعتها فإن ذلك سيقلل من فرص النجاح والتقييم معا، ان هذه الورقة تعد فرصة مهمة لإصلاح الاقتصاد العراقي والعبور به الى بر الأمان في خضم الأزمة الحالية؛ لذا نرى من الواجب علينا أن نقدم أي فكرة يمكن أن تسهم في
نجاحها.