حماية المواطن

الصفحة الاخيرة 2020/11/14
...

حسب الله يحيى
 
لا يكفي أنْ تكون هناك دائرة خاصة بالرعاية الاجتماعيَّة, التي يرادُ من إنشائها مساعدة المواطن على تدبير معيشته اليوميَّة, فهذا من حقوق المواطن على دولته التي يفترض أنْ ترعاه وتصونه وتكفل له العيش الآمن والمستقر.
نعم.. الغذاء والدواء ضروريان للبقاء والتواصل,غير أننا بتنا نفتقد الى البطاقة التموينيَّة, مثلما نفتقد الى البطاقة الدوائيَّة منذ وقتٍ طويل..
وإذا باتت المستلزمات الغذائيَّة غائبة في بطاقة لا تمن على المواطن بتموين سوى بقدرٍ محدود من الطحين والسكر والزيت كل ثلاثة أشهر؛ فإنَّ عشرات المواد الغذائيَّة باتت غائبة تماماً.
أما الدواء فقد فقدناه وفقدنا البطاقة الدوائيَّة معه, بحيث لم يعد بوسعنا حتى توفير أدوية سامراء البالغة الجودة والتي استبدلت بأدوية مجهولة المصدر مجهولة الصلاحية ومعدومة العلاج!
الأمر الذي جعل المواطن يعاني من ارتفاع أسعار المواد الغذائيَّة الى جانب الأسعار الباهظة جداً للأدوية التي يتولى بيعها باعة لا علاقة لهم بالصيدلة، ووصل الأمر أنْ تكون معروضة للبيع على (بسطيَّة) في الأسواق الشعبيَّة.. من دون رقابة حتى لتحديد الأسعار!
وأمام ثقل هذا الحال ومعاناة المواطن في الحصول على راتبه التقاعدي أو الوظيفي.. بتنا نفتقد حتى الى لحظة هدوء في بيوتنا, حيث نجد أنفسنا ـ سواء كنا أصحاءً أم مرضى ـ من أصوات الباعة التي تلاحقنا ليلاً ونهاراً وكذلك الباعة الذين يعرضون بضاعتهم بسماعة عاليَّة الصوت ومزعجة تثقل أسماعها على الاذان، وإذا ما طالبت من أحدهم مجرد خفض الصوت يجيبك غاضباً بأنه يبحث عن رزقه وكأنك تحول دون تحقيق هذه الرزق الحلال.
إنَّ حماية المواطن لا تتحقق بالغذاء والدواء فحسب، وإنما تحتاجُ الى حماية المواطن من الإزعاج المحيط به من الأصوات الجوالة والمحال الصناعيَّة التي تنبعث عنها فضلات وغازات وأصوات شتى تؤذي صحته وحواسه وتحرمه من أوقات الراحة في 
بيته.
إنَّ الرقابة الصحيَّة والرقابة المتعلقة بحماية المواطن من الإزعاج والاستغلال والإهمال المحيط به من كل جانب, باتت تحيط المواطن ليس بالنفايات الموزعة في كل مكان فحسب, وإنما شاعت في حياتنا مصادر جديدة لا تقل تدميراً وإساءة بحقنا من تلك النفايات وذلك الإذلال والإزعاج و الفوضى المحيطة بنا.. فهل من حكومة ترعى حقوقنا بوصفنا بشراً، أم أنَّ (الرزق) يتطلب النهب الفساد والإزعاج والفوضى مجتمعة.. لا تؤمن للمواطن أبسط مستلزمات الحياة الجديرة بالعيش وإنما توفرها لعددٍ محدودٍ من النخب..!