ثامر الهيمص
ضبط الايقاع الاقتصادي وطنيا يعد حجر الاساس لتناغم المصالح اقليميا ودوليا، لان عدم ضبط الايقاع اقليميا في ثلاثينيات القرن الماضي، ادى مثلا الى تدمير المانيا واليابان في الحرب العالمية الثانية، فغالبا ما يكون بناء الداخل وضبط ايقاعه بوابة القوة الناعمة للاقليم ثم البعد الدولي .
إنَّ تفاوت وجهات النظر في مشروع الفاو الكبير و استثمار البوادي قد يجعل المستثمر العالمي يعتقد جازما ان هناك بيئة طاردة للاستثمار، فضلا عن ان النفط لم يعد رقما دوليا له الاولوية، بسبب ظهور البدائل المتمثلة بالغاز او الطاقة النظيفة، كما ان الاقتصاد الرقمي اصبح مهيمنا في الدول المتقدمة اقتصاديا وعسكريا، ما يدعو للافادة من تجربتنا،غير السعيدة، مع الثروة النفطية التي لم تقلص الضغط السكاني والبطالة، ناهيك عن تحقيق التنمية المستدامة التي كان المفترض ان يقودها النفط.
مشروع الفاو سيادي ويشكل رابطا وطنيا بامتداده من اقصى جنوبنا لاعلى شمالنا، فضلا عن الربط دوليا واقليميا، لاسيما اذا ما تكامل مع مشروع الصين الحزام
والطريق.
اما بشأن استثمار البوادي من قبل جهات وطنية، من خلال مشروع العتبة العباسية المقدسة، والمشروع السعودي في المحافظة نفسه، فقد يتكاملان او يتنافسان ايجابيا بكلا الحاتين، فالمهم ان يقضى على الفقر والبطالة في السماوة.
إنَّ القوة الناعمة اقتصاديا أربكت السياسة الدولية، ما ادى لمراجعة مواقف في العمل الاقتصادي بظهور كيانات متناغمة مع التوجهات الخاصة بمشروع الحزام والطريق، الذي يهدف لاحتواء الدول التي شاركت كممر اوطرف فاعل.
فمثلا تجارة الصين مع دول الخليج تشكل نحو 70 بالمئة من اجمالي تجارتها مع الوطن العربي، وهذه التجارة اكبر من قيمة تجارة الصين مع اقتصادات غير عربية، اما الفاو كمشروع اساسي ضمن الحزام والطريق لم تحدده اعتبارات غير اقتصادية، بل حددته كجدوى اقتصادية كونه اجدى ممر للبر الاوروبي اولا واخيرا .
مرجعية القوة الناعمة اذن هي الجدوى الاقتصادية للطرفين وحتى للمصالح الغربية والاميركية في المنطقة، تسعى لاحتوائها وفق معايير الجدوى الاقتصادية ، لان التنافس في المنطقة لا يعزز الشراكة بينهم في المشاريع الصينية في داخلها او خارجها ، كما ان الاطراف الدولية لا تصطدم مع الحزام والطريق مباشرة بل تنافسها تكنولوجيا .كما ان الغرب وحلفاءه يسمون الصين معمل العالم، ولا يستغنون عن اكبر سوق في العالم بمليار ونصف مستهلك،هذه القوة الناعمة كتجربة صاعدة .
بكل الاحوال علينا رد الاختلاف على المشاريع السيادية والاساسية لمرجعية الجدوى الاقتصادية اولا بآليات القوة الناعمة كخيار اوحد، ولا بديل جاهزا ينافسه عمليا او اقتصاديا.