أتمتة الجمارك وتحديات العولمة

اقتصادية 2020/11/23
...

محمد شريف أبو ميسم
 
كان مطلب أتمتة النظام الجمركي ملحا منذ تشريع قانون التعرفة الجمركية رقم 22 لسنة 2010 ، الا ان حالة الارباك التي شهدها البلد على مدار السنوات الماضية ، جعلت من هذا المطلب ثانويا حيال عدم قدرة الحكومات المتعاقبة على تطبيق هذا القانون، جراء التجاذبات وتدخلات المنتفعين من انفلات السوق، حتى توارى مطلب أتمتة النظام الجمركي خلف مطلب تطبيق القانون.
وحين سعت حكومة العبادي لتطبيق القانون في العام 2016-2017 واجهت الكثير من الصعوبات جراء خروج الكثير من المنافذ الحدودية عن سيطرة الحكومة المركزية، حتى تم العمل بالسيطرات الجمركية خارج حدود المحافظات، والتي شابها الكثير من اللغط، ما جعل الايرادات الجمركية لا تشكل أكثر من 10 بالمئة ازاء حجم التدفقات المالية اليومية، التي يمولها البنك المركزي في مزاد العملة بحسب تصريح سابق لرئيس اللجنة المالية في البرلمان. 
ولكن مع اصرار الحكومة الحالية على تنظيم عمل المنافذ الحدودية وجعلها تحت سلطة الحكومة المركزية، يكون مطلب أتمتة النظام في صدارة هذا الملف، خصوصا ان برنامج الاصلاح المالي والاقتصادي، الذي تضمنته الورقة البيضاء، قد أشار الى هذا المفصل المهم في ادارة الوضع المالي، بينما جاء مطلب البرلمان المقرون بالتصويت على قانون الاقتراض، ليعزز هذا التوجه الحكومي، الذي تمخض عن الشروع بالتفاوض مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو ما يعرف بـ(الأونكتاد) لاتمتة النظام الجمركي، ما سيحد من التهرب الجمركي ويمكن الحكومة من زيادة ايراداتها المالية ويدعم المنتج المحلي من خلال الحد من الاغراق السلعي، فضلا عن امكانية تطبيق برنامج الاصلاح وتحقيق أهدافه الاقتصادية والسياسية.
ويتزامن هذا التحول مع سلسلة الاجراءات، التي وردت في ورقة الاصلاح، بما ينسجم مع توجهات وأهداف “الأونكتاد” الرامية الى خلق بيئة ملائمة تسمح باندماج الاقتصاد العراقي مع اقتصاد العولمة من خلال خلق الاستقرار والحد من التقلبات المالية وتعديل اللوائح التي تحد من المنافسة.
وفي هذا الاتجاه يكون من المهم تفعيل الطاقات والامكانيات الوطنية واعطاء الأولوية لرأس المال المحلي، بما يعزز روح المبادرة والابتكار من أجل مواجهة تحديات التنمية، والحد من هيمنة الرساميل الأجنبية على بيئة الأعمال، من دون ضوابط في ظل الحاجة الماسة للاستثمار الأجنبي، خصوصا ان (الأونكتاد) ترفع شعار مواجهة التحديات الناشئة عن العولمة والمساعدة على الاندماج في الاقتصاد العالمي على أساس أكثر إنصافا.