بيروت- عواصم: جبار عودة الخطاط والوكالات
دعا المرشد الأعلى في إيران السيد علي خامنئي، إلى معاقبة مرتكبي عملية اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده ومن يقف وراءهم، ودعا خامنئي إلى استكمال الجهود العلمية والفنية التي كان يعمل بها العالم زاده، واصفاً إياه بـ «العالم النووي الدفاعي»، وفيما اتهمت إيران إسرائيل بالوقوف وراء عملية الاغتيال ولوحت برد صاعق، لاذت الإدارة الأميركية بالصمت إزاء الحدث، وسط مخاوف من أن تطلق العملية الإرهابية التي استهدفت العالم الإيراني حرباً غير محسوبة العواقب في المنطقة قبيل إسدال الستار على ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أكد أن اغتيال زاده، لن يبطئ مسار إيران النووي، موجها أصابع الاتهام لإسرائيل، وقال روحاني: «مرة أخرى تلطخت الأيدي الشريرة للاستكبار العالمي ومرتزقته في الكيان الصهيوني بدماء عالم إيراني مجتهد وأغرقت الأمة الإيرانية في حزن عميق».
ولفت روحاني إلى أن حادث اغتيال زاده «عمل إرهابي مروع، ناجم عن عجز العدو في مواجهة التقدم العلمي وقدرات الأمة الإيرانية العظيمة، وهزائمه المتوالية في المنطقة، وأحيا خباثة وحقد العدو في أذهان العالم، مثله مثل أعماله الأخرى اللاإنسانية»، وشدد على أن إيران سترد على اغتيال زاده «في الزمان المناسب»، مشددا على أن إيران أكثر ذكاء وحكمة من الوقوع في المصيدة الإسرائيلية التي تسعى إلى خلق فوضى في المنطقة.
ولفت الرئيس الإيراني، إلى أن اغتيال العالم زاده، يثبت أن العدو يعيش حالة توتر خلال الأسابيع المقبلة، ويشعر أن الضغوط على إيران تلفظ أنفاسها الأخيرة، وقال: إن “العدو يريد استغلال الأسابيع القليلة المقبلة كي يتمكن من زعزعة الاستقرار في المنطقة”، في إشارة إلى هزيمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الانتخابات الأخيرة. ووجهت إيران رسالة لأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ولمجلس الأمن تتحدث فيها عن “مؤشرات خطيرة على مسؤولية إسرائيلية” في اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، وحذرت طهران في الرسالة من “أي إجراءات متهورة” من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل خلال الفترة المتبقية من رئاسة دونالد ترامب، وجاء في الرسالة أن إيران “تحتفظ بحقوقها في اتخاذ كل الإجراءات الضرورية للدفاع عن شعبها وتأمين مصالحه”.
بدوره، دعا الأمين العام للأمم المتحدة جميع الأطراف لضبط النفس وتفادي أي خطوات من شأنها أن تؤدي إلى التصعيد في أعقاب اغتيال العالم النووي الإيراني.
وكانت وزارة الدفاع الإيرانية، أكدت أمس الأول الجمعة، مقتل رئيس مركز الأبحاث والتكنولوجيا في الوزارة محسن فخري زاده، في عملية اغتيال وصفتها بـ”الإرهابية”، وأفادت الوزارة بأن “عناصر إرهابية مسلحة هاجمت ظهر الجمعة، سيارة تقل محسن فخري زاده رئيس مركز الأبحاث والتكنولوجيا بوزارة الدفاع”، وأشارت إلى أنه “أثناء الاشتباك بين فريقه الأمني والإرهابيين، أصيب السيد محسن فخري زاده بجروح خطيرة ونقل إلى المستشفى، وللأسف لم ينجح الفريق الطبي في إحيائه”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف في الكلمة التي أعلن فيها عام 2018 استيلاء الاستخبارات الإسرائيلية على حزمة واسعة من وثائق متعلقة بمساعي طهران لتطوير ترسانة نووية، وصف العالم الراحل فخري زاده بأنه يقود برنامج طهران النووي العسكري، وقال نتنياهو حينذاك: “تذكروا هذا الاسم - فخري زاده”.المخاوف التي أطلقها المراقبون من تصعيد عسكري، وأمني خطير يلجأ اليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فيما تبقى من فترة ولايته، تصاعد منسوبها بعد اغتيال العالم الإيراني، وعززت هذه التكهنات حالة الإنذار القصوى التي اتخذتها إسرائيل على حدودها مع لبنان وهضبة الجولان السورية المحتلة، وتساءل مراقبون: (هل بدأ ترامب فعلاً بإطلاق سِهام النار الأخيرة من كنانته؛ في الوقت بدل الضائع؛ من مباراته الانتخابية الخاسرة مع غريمه الديموقراطي، والرئيس المنتخب جو بايدن؟).
حزب الله اللبناني، الذي سبق أن توعد إسرائيل بعمل قوي، رداً على مقتل أحد عناصره في سوريا بغارة إسرائيلية، جدد بعد عملية اغتيال العالم الإيراني “وقوفه بكل قوة إلى جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وشعبها المجاهد والمضحي في مواجهة التهديدات، والمؤامرات الخارجية، وفي مواجهة الحلف الجديد من الكيان الصهيوني وعدد من دول المنطقة”.
الى ذلك تلقى الجيش الإسرائيلي، مساء الخميس، أي قبل حصول عملية اغتيال زاده بيوم واحد، تعليمات بالاستعداد لسيناريو هجوم أميركي محتمل على إيران، وعزز من احتياطاته الأمنية على حدوده الشمالية مع لبنان، ووفقاً لموقع “واللا” العبري، نقلاً عن مصادر إسرائيلية، بارزة قولها: “الجيش الإسرائيلي تلقى تعليمات في الأسابيع الأخيرة؛ بالاستعداد لاحتمال قيام الولايات المتحدة، بضربة عسكرية ضد إيران قبل انتهاء ولاية الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب في كانون الثاني المقبل”، وأضافت المصادر أن كبار المسؤولين الإسرائيليين يتوقعون فترة حساسة للغاية “قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن”.
في السياق، أفادت شبكة “سي إن إن”، نقلاً عن مسؤول في البنتاغون «بتحريك حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس نيميتز» لمنطقة الخليج مع سفن حربية أخرى أمس السبت، كما أفادت المعلومات بهبوط 4 طائرات مروحية تابعة للقوات الأميركية في مطار الشدادي بريف الحسكة الجنوبي في سوريا، في ساعة متأخرة من ليل الجمعة.
ولغاية إعداد هذا التقرير، لم يصدر عن الإدارة الأميركية أي تعليق بشأن اغتيال زاده، إلا أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب نشر في “تويتر” بعد دقائق على أنباء الاغتيال، الخبر العاجل الذي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية بهذا الشأن.
والعالم النووي محسن فخري زاده؛ ليس الأول في قائمة العلماء الإيرانيين الذين جرى اغتيالهم خارج وداخل إيران في السنوات الأخيرة، حيث تضم القائمة أكثر من تسعة علماء.