د. باسم الابراهيمي
ها نحن نشارف على نهاية العام 2020 والذي شهد ازمة تكاد تكون الاخطر منذ ازمة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، وعلى الرغم من أن ازمة الكساد المذكورة نتجت عنها وفيات تقارب السبعة ملايين شخص (بين المدنيين)، بينما لا تزال وفيات الازمة الحالية للاسباب الصحية والاقتصادية اقل منها، الا ان انخفاض العدد يعود الى الاحتواء والتعاون الدولي مؤسساتيا والقدرة على ايصال المساعدات، وعليه فان النتائج الاقتصادية قد تكون اكثر عمقا مما حصل رغم كل الاجراءات التحفيزية التي اتبعتها الدول لمواجهة الازمة، فالولايات المتحدة تواجه عجزا تاريخيا يقارب الخمسمئة مليار دولار، بينما تصارع الدول الاوربية من ارقام مرتفعة لعجز الموازنة يرافقها انخفاض في نسبة النمو تقارب المرتبتين العشرييتين، لاسيما في الاقتصادات
الاضعف.
الترقب ما زال هو سيد الموقف في انتظار ارتفاع "دخان" اللقاح ايذانا ببداية نهاية الازمة الصحية والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالتوقعات الاقتصادية المتجمدة حاليا، نتيجة برد الشتاء المتزامن مع الاغلاق الثاني في العديد من الدول، وبالتبعية تترقب الدول النفطية المشهد بحذر شديد مؤجلة اجتماعها، الذي كان مؤمل انعقاده في الاول من شهر كانون الاول الحالي، وهذا الامر يزيد المشهد النفطي الدولي غموضا، والسؤال ماذا بعد ترنح سعر برميل النفط حول نهايات الاربعينيات؟ وما الذي ستفعله دول الريع النفطي، ومنها العراق اذا ما تأخرت بوادر الانفراج الاقتصادي وتراجع سعر النفط عما هو عليه
الان؟
الجواب بكل بساطة المزيد من التعقيد (المالي- السياسي)، لسببين هما موازنة العام المقبل الممزوجة بالتنافس الانتخابي، والتي ستكون اما فرصة للاتفاق والنجاة (التوقع العقلاني) او نافذا للصراع والانهيار (التوقع المبني على معطيات الماضي).
هذه المؤشرات التي نسوقها هنا نؤكد من خلالها خطورة المرحلة وضرورة الركون الى العقلانية الاقتصادية، بعيدا عن التجاذبات السياسية المعمقة للازمة، وبالتالي فإن المسؤولية التاريخية تتطلب تعاليا على المصالح الضيقة في قبالة الهدف الاسمى في تجاوز الازمة الاقتصادية والعبور بالبلد الى بر الامان، وهنا يتطلب الاتفاق على موازنة ازمة قادرة على اصلاح الاقتصاد المتضرر نتيجة الازمة الحالية والسياسات السابقة، وبطبيعة الحال علينا أن نكون متفائلين، ولكن علينا في الوقت نفسه ان نذكر القائمين على الادارة السياسية ان الجميع في سفينة اقتصادية
واحدة.