ثامر الهيمص
الاسئلة عادة تكشف عما خفي من الفساد، لعل اولها منعه قبل ان يبدأ، فعندما تطارد الاستفسارات والتساؤلات موضعا مثل المنافذ الحدودية، بعد منع استيراد مواد تنتج محليا او مواد ممنوعة اساسا، نذهب لعدة اتجاهات ولعديد من الجهات، وهكذا الى الوصول للحقيقة، ليتحرك الطرف الآخر.
يرجح مختصون أن قيمة الاستيرادات بلغت نحو 55 مليار دولار في السنتين الاخيرتين، لا تتجاوز ايرادات الجمارك المليار ونصف مليون دولارـ اي نحو 3 بالمئة من قيمة المستورد، بينما يفترض ان تصل الى معدل 20 بالمئة من المستورد، وهذا ما معمول به في اغلب دول المنطقة.
اذن الخلل ليس جمركيا فحسب، بل بما قبله وبعده، وهو مجرد حلقة في عالم الاستيراد، ففي هذه الحال نحصل على اجابة محددة تكشف عن سر تراجع المنتج المحلي زراعيا كان او صناعيا .
الا يسعنا تشغيل معامل الخياطة المدنية والعسكرية و نستورد الاقمشة فقط لجميع اصحاب الزي الموحد، ونشغل الأسر المنتجة في البيوت؟.
انطلاقا من هذه النقطة، وبسعر مجد ايضا للفلاح، يمكن ان تزدهر صناعة معجون الطماطم بغير موسمها ويواصل المعمل انتاجه، فهذه الطريقتان تحدان عمليا وقف الاستيراد الملوث بالاغراق السلعي وغسل الاموال.
نجم عن التراخي في السنوات الماضية تدهور العمل الاداري، بسبب توقف المساءلة والتساؤل، فكم مدير عام سأل نفسه، بعد مضي عام على تسنمه المنصب، عن عدد كتب الشكر التي وجهها للمبدعين او عدد العقوبات الادارية؟ .
نستنتج أن المسؤول ترك الامر للجهات القضائية او من يساندها والتي تتدخل عادة بعد فوات الاوان، في حين غابت الحلقة، التي تربط الدائرة بهذه الجهات وهي الرقابة المالية او رقابة الوزارة او حتى الرقابة الداخلية الوقائية، التي من المفترض ان تتدارك الموقف، لكنها تحجمت، لاسباب قد تكون معروفة .
لقد وصل الامر الى ما تتبرع جهات معينة لاقامة مشاريع من قبل بعض الدول، مثل مشروع لاعادة تأهيل وتطوير قطاع المياه، اذ تمكنت لجنة حكومية من اثبات عدم تنفيذ مشروع واسع النقاط لاطلاق 13 شركة لتحلية مياه البحر في البصرة عام 2006، اجمالا لم يتم تنفيذ مجموعة كاملة من مشاريع ادارة المياه المخصص لها 600 مليون دولار في البصرة.
هذه تبعات عدم تسليط ما يكشف عن كواليس كان من الممكن من البداية الوقاية منها، بدلا من علاجات باهظة تأتي متأخرة وقد تكون بلا جدوى.