لغة الضاد في يومها

آراء 2020/12/20
...

  نجاح العلي

يسجل العالم سنويا احتضار العديد من اللغات بسبب تحول ناطقيها الى لغات اخرى، بينما تبقى ‏لغات اخرى محافظة على وجودها وديمومتها ومنها لغتنا العربية، لغة الضاد، لغة القرآن ‏الكريم، التي هي وسيلتنا لايصال رسالتنا الحضارية والانسانية والثقافية والدينية والتاريخية، ‏لكن هذه اللغة بحاجة الى رفدها بالاشتقاقات والاضافات، حالها حال بقية اللغات الحية، اما ‏جمودها فيعني موتها سريريا حتى لو تم استخدامها رسميا واعلاميا.‏

اتذكر اثناء فترة الدراسة الجامعية سألني استاذي سؤالا فاجبته بكلمة (اي) فوبخني وقال لي تكلم ‏بالعربية الفصحى، فاخبرته أن (اي) فصيحة وتم ذكرها في القرآن الكريم بقوله تعالى: ‏‏"ويسألونك احق هو قل اي وربي"، وحتى كلمة "بلي" او"امبلى" فهي موجودة ايضا في القرآن ‏بقوله عز وجل:"بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن فله 
اجره عند ربه".‏
هناك تياران متناقضان بشان التعامل مع اللغة العربية التيار الاول متزمت يطالب باستخدام ‏اللغة العربية الفصحى في الحياة اليومية، وهو امر شبه مستحيل في ظل التطور التقني والتاثير ‏والتاثر بالثقافات الاخرى، ودخول مفردات جديدة لم يوفق اللغويون بتعريبها مثل كلمة ‏كومبيوتر تم تعريبها الى "حاسوب" وموبايل تم تعريبها الى "هاتف نقال" وتلفزيون عربت الى ‏‏"مذياع مرئي" وهو امر غير دقيق وغير شائع في الاستخدام حتى في المخاطبات الرسمية، ‏وغيرها الكثير من المفردات خاصة في المجالات الطبية والتقنية والعلمية، التي يفضل ان يتم ‏استخدامها كما هي من دون تعريب كما تتعامل معها اللغات 
الاخرى. 
والتيار الثاني يدعو الى قطيعة ‏تامة مع اللغة العربية، بوصفها لغة لاتتواءم مع العصر الحالي حسب ادعائهم، وانها من اصعب ‏اللغات في العالم تعلما لاحتوائها على 12 مليون كلمة وتميزها بحركات الحروف التي بتغيرها ‏تتغير معاني الكلمات مثل كلمة "ضرب" بالضمة تعني ان هناك شخصا تم ضربه، وبالفتحة ان ‏الشخص هو من قام بالضرب وبالسكون تتحول الى اسم بحاجة لادخاله في جملة كي يستقيم ‏معناه. 
وهناك رأي وسط بين الاثنين ويمثله العديد من المثقفين والادباء والاعلاميين يدعو الى ‏استخدام "لغة بيضاء" بين العامية والفصحى مثل اللغة المستخدمة في وسائل الاعلام، التي تبتعد ‏عن الكلمات والمفردات الصعبة والغامضة واللجوء الى الكلمات البسيطة والمتداولة واحيانا ‏اللجوء الى اشتقاق العديد من الكلمات من لغتنا الام مثل كلمة "الاسلامويين" التي تعني الذين ‏يستخدمون الدين الاسلامي غطاء لتصرفاتهم التي تتنافى مع تعاليم الدين الاسلامي 
السمحاء.‏
هنيئا للغتنا بيومها الذي تحتفل به سنويا يوم 18 كانون الاول بمناسبة اختيارها سنة 1973 ‏كلغة رسمية في الجمعية العامة للامم المتحدة وكان العراق من الدول التي طالبت في حينها ‏باستخدام اللغة العربية كلغة رسمية في هذا المحفل الدولي المهم ينطق بها ما يقارب نصف ‏مليار انسان وتكلل هذا الامر بالنجاح والذي اعتمد رسميا للاحتفاء بها سنويا كيوم عالمي 
للغة ‏العربية. ‏