نجاح العلي
يسجل العالم سنويا احتضار العديد من اللغات بسبب تحول ناطقيها الى لغات اخرى، بينما تبقى لغات اخرى محافظة على وجودها وديمومتها ومنها لغتنا العربية، لغة الضاد، لغة القرآن الكريم، التي هي وسيلتنا لايصال رسالتنا الحضارية والانسانية والثقافية والدينية والتاريخية، لكن هذه اللغة بحاجة الى رفدها بالاشتقاقات والاضافات، حالها حال بقية اللغات الحية، اما جمودها فيعني موتها سريريا حتى لو تم استخدامها رسميا واعلاميا.
اتذكر اثناء فترة الدراسة الجامعية سألني استاذي سؤالا فاجبته بكلمة (اي) فوبخني وقال لي تكلم بالعربية الفصحى، فاخبرته أن (اي) فصيحة وتم ذكرها في القرآن الكريم بقوله تعالى: "ويسألونك احق هو قل اي وربي"، وحتى كلمة "بلي" او"امبلى" فهي موجودة ايضا في القرآن بقوله عز وجل:"بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن فله
اجره عند ربه".
هناك تياران متناقضان بشان التعامل مع اللغة العربية التيار الاول متزمت يطالب باستخدام اللغة العربية الفصحى في الحياة اليومية، وهو امر شبه مستحيل في ظل التطور التقني والتاثير والتاثر بالثقافات الاخرى، ودخول مفردات جديدة لم يوفق اللغويون بتعريبها مثل كلمة كومبيوتر تم تعريبها الى "حاسوب" وموبايل تم تعريبها الى "هاتف نقال" وتلفزيون عربت الى "مذياع مرئي" وهو امر غير دقيق وغير شائع في الاستخدام حتى في المخاطبات الرسمية، وغيرها الكثير من المفردات خاصة في المجالات الطبية والتقنية والعلمية، التي يفضل ان يتم استخدامها كما هي من دون تعريب كما تتعامل معها اللغات
الاخرى.
والتيار الثاني يدعو الى قطيعة تامة مع اللغة العربية، بوصفها لغة لاتتواءم مع العصر الحالي حسب ادعائهم، وانها من اصعب اللغات في العالم تعلما لاحتوائها على 12 مليون كلمة وتميزها بحركات الحروف التي بتغيرها تتغير معاني الكلمات مثل كلمة "ضرب" بالضمة تعني ان هناك شخصا تم ضربه، وبالفتحة ان الشخص هو من قام بالضرب وبالسكون تتحول الى اسم بحاجة لادخاله في جملة كي يستقيم معناه.
وهناك رأي وسط بين الاثنين ويمثله العديد من المثقفين والادباء والاعلاميين يدعو الى استخدام "لغة بيضاء" بين العامية والفصحى مثل اللغة المستخدمة في وسائل الاعلام، التي تبتعد عن الكلمات والمفردات الصعبة والغامضة واللجوء الى الكلمات البسيطة والمتداولة واحيانا اللجوء الى اشتقاق العديد من الكلمات من لغتنا الام مثل كلمة "الاسلامويين" التي تعني الذين يستخدمون الدين الاسلامي غطاء لتصرفاتهم التي تتنافى مع تعاليم الدين الاسلامي
السمحاء.
هنيئا للغتنا بيومها الذي تحتفل به سنويا يوم 18 كانون الاول بمناسبة اختيارها سنة 1973 كلغة رسمية في الجمعية العامة للامم المتحدة وكان العراق من الدول التي طالبت في حينها باستخدام اللغة العربية كلغة رسمية في هذا المحفل الدولي المهم ينطق بها ما يقارب نصف مليار انسان وتكلل هذا الامر بالنجاح والذي اعتمد رسميا للاحتفاء بها سنويا كيوم عالمي
للغة العربية.