اِحتفى اتحاد الادباء والكتاب في البصرة برواية الأديب علي لفتة سعيد (حب عتيق) الفائزة بجائزة «توفيق بكار» للرواية العربية، والتي شهدت حضورا فاعلا لمثقفي وأدباء المحافظة.
وقال القاص حمودي الكناني الذي أدار الأصبوحة إن: تجربة الروائي سعيد تستحق الاحتفاء وان يقف عندها النقاد لأنه مع كل رواية يصدرها أو مجموعة قصصية وحتى شعرية فضلا عن كتاباته النقدية فإنه لا يقف عند موضوع واحد أو شكل واحد بل يتعدد ويجدد، وأضاف الكناني قائلا: إنه الروائي الذي تعددت كتاباته وعمله الصحفي في جريدة «الصباح» لم تثنهِ عن المواصلة والإبداع بجدية كبيرة وهو ضمن الأسماء الكبيرة والعليا في الأدب العراقي.
وتحدث رئيس الاتحاد الدكتور سلمان كاصد بداية، قائلاً، إن: هذه الرواية قدمت حقبة من تاريخ العراق الحديث من عام 1925 حتى فترة الحكم الجمهوري، وأن الاهداء الذي جاء فيها يعد موجها قرائيا، ولا بد من التركيز على أن مجتمع الرواية هم شخصيات من قاع المدينة مثلما فيها وعي قائم ووعي ممكن.
وتابع أن سعيد من الروائيين المبدعين الذين أحب كتاباتهم، وهذه الرواية تتوزع بين 33 جزءا ولم يعطها فصولا، وتبدأ بشخصية ينوب عنها السارد سواء كانت الشخصية رجلا أم امرأة.
وأشار الى أن فيها رواية كبرى وهناك روايات صغرى حاول الروائي ان يمسكها جميعها بطريقته الخاصة وهي تعتمد على فكرة البنائية والتضمين لحكايات، منها حكايات حب التي اعتمدت على ثلاثيات لكل شخصيات لها شخصيات ظل او مساعدة سواء للأبطال او الشخصيات الأخرى، كما أن الروائي يتعامل بطريقة التنضيد حكاية فوق حكاية حتى يتم (تنضيد) الحكايات للوصول للذروة ثم ينهار للوصول للأسفل أي ابتدأت بها وانتهت بها.
وتحدث الأديب محمد خضير قائلا إن: الرواية تتضمن ثلاثة مستويات في القراءة الأولى هي قراءة القارئ العادي للعمل الأدبي، والثانية قراءة الناقد للكاتب وتعد كتابة احترافية، والقراءة الثالثة هي قراءة الكاتب لكاتب، وتدخل هنا الكثير من العوامل بحيث أن القراءة الأخيرة تأتي بدافع الاختيار والقصد والاجراء المتقابل أو النسبي، والرواية تستمد جذورها إلى قصص الحب القديمة.
وأضاف أن: هناك فكرة مركزية في الرواية ولكنها تشعبت بتفاصيل كثيرة وقد ضاعت، ربما تكون مبررة أو لا من وجهة قراءة كاتب لكتاب، ولكن هذه الرواية زاخرة بالأحداث وقد تمكن الروائي من تدوينها وقد نجح فيها نجاحا كبيرة على أساس على هذه الحكاية الغرائبية التي تجري في مجتمع غريب أيضا في سوق الشيوخ بفترة الملكية.
وقال أيضا: إننا نلاحظ فيها شروط التحديات والاعاقة وقد نجح أيضا في رسم هذه الموانع بقوة، وأفاد أن الروائي يتحدى قارئه ليشارك قصة حب وهي هنا مبررة جدا لأنها تتحدث عن حب عتيق، ولفت إلى أن الرواية تمتد جذورها واستطالاتها لمراجع العربية القديمة وعنوانها -أعان الكاتب- موضحا أن جميع الشخصيات لديهم قصص حب ولكن كل منهم حكاية سواء المهمشين أو المثقفين الذين شكلوا مجموعتين متجاورتين تتقاربان في نهاية الرواية، وقد تغير وعي المجموعتين وأصبحتا على مستوى وعي واحد مع ثورة 1958 وهو أمر له تأويل فكري، والمفارقات الكثيرة في الوعي وواحدة من نجاحات الرواية التي تنتهي بنهاية جميلة جدا.
أما الشاعر علي الإمارة فقد قال إن: الرواية عمل عراقي بامتياز وهي مخاض مجتمع فضلا عن تركيزها على التعامل مع العشيرة والدين.
واضاف أنها لا تعتمد على اللغة الشعرية أو اللغة المركزة بل ما يميزها أن فيها لغة تشدو - بحيث اريد التعبير عن صفحة ربما يفوتني شيء- بمعنى أن فيها جمالية ورغم أنه شاعر لكنه كان لا يعتمد على الجملة الشعرية كون اللغة لاتتوسل باللغة الشعرية لزيادة مساحة الانزياح لدى المتلقي.
واضاف أن الرواية ركزت على التنوع الفسيفسائي للمجتمع العربي ولم تشخصنهم بطريقة الأرخنة بمعنى وجود الأديان والقوميات بطريقة التاريخ والأرشفة بل بطريقة السارد المبدع الذي يحلق فوق التاريخ ولا يدخل فيه وأنه زج الجميع في صراع محكم بعلاقات ابتعد فيها عن المباشرة.
من جهته، قال الناقد صباح محسن إن: رواية (حب عتيق) تتمتع بنفثات شعرية، والروائي له إمكانية سردية مهمة ضمن لائحة السرد العراقي.
واضاف أنها تعتمد على التاريخ والمكان. وهو ما مكنها من الدخول إلى المتلقي، لأن فيها امكانيات كبيرة لسحب المتلقي، إذ إن سعيد لديه نسق روائي مختلف ومتحرك واللغة لديه بحسب الفكرة، للروائي امكانية سردية مهمة ضمن لائحة السرد العراقي ولديه امكانية أن يصبح نجما في الرواية العراقية والعربية.
واختتم المداخلات الروائي المحتفى به علي لفتة سعيد بقوله.. إنني أحاول تفتيت المركزية كي لا تكون مجرد حكاية. أكتب الحكاية بطريقة السرد.. والمتن السردي لدي ليس لأدون الحكاية بل لأضع الافكار.
واضاف أنا كاتب أفكار وليس كاتب حكاية، وهو ما يعني أن رواياتي تحتاج إلى متلق وليس إلى قارئ، موضحا أني أذكر المكان باعتباره واقعيا والشخصيات واقعية، لكن الاحداث جميعها غير واقعية، وإن تضمنت متونا واقعية ولكن بطريقة السرد لأني لا أريد أن أبقى على طريقة واحد. وبيّن أن الوعي الذي تحدث عنه النقاد هو الأمر الذي أريده لان الجملة ليست حكائية بل هي جملة ما بعدية وهو ما يعني أني أكتب بطريقة غرائبية - كما ذكر الكبير محمد خضير- حتى لا تتحول رواياتي لموضوعة قصصية.
وفي نهاية الأصبوحة قدم الدكتور سراج محمد مسؤول الثقافية في الاتحاد جملة ترحيبية بالضيوف والمناقشين والحراك البصري مثلما شهدت تقديم شهادتي تقدير للمحتفى به ومقدم الأصبوحة من قبل القاص الكبير محمد خضير.