(فلسفة) إعلامنا الرياضي

الرياضة 2020/12/21
...

علي حنون
مع أن المعنيين الحقيقيين يَعون جيدا سطوة وخطورة الإعلام بمنافذه وبُعده عندما يأتي على قضية مُعينة ويَستند في انطلاقته على فلسفة سياسية (مُوجهة)، إلا أن الأمر لا يُسجل مثلبة على من (يستثمره)، تحقيقا لأهداف يُمكن وضعها في خانة الصالح العام، لكن الخشية هنا تأتي من جانب من ركب (موجة) الظهور في عينة من المُؤسسات الإعلامية الرياضية، دون أن تسعفه إمكاناته ومُؤهلاته المهنية في تحديد اطر واضحة لعمله، لأنه يُمسي مُجرد أداة تنفيذ دون أن يكون بمقدوره (تسويق) أفكاره في سلة رأي المُؤسسة، فتجد  من يتصدى للمُهمة مشوّشا في طروحاته (أعرج) الحركة، (كريم) الرؤية!.
حضرني، وأنا أهم بتناول هذا الموضوع، الرأي الذي طرحه احد المُحللين الرياضيين في قناة الكأس القطرية، ذات مرة، بإشارته، في معرض نقاش كان يدور في فلك حلقة تلفزيونية، تناولت أحقية البصرة، في استضافة منافسات خليجي (24) الفائتة، إلى أن الإعلام العراقي بكُل قنواته لم يستطع إيصال رسالة واضحة، حول أهلية المحافظة لتضييف إحدى نسخ البطولة الخليجية.
وأجدني من الذين تمعنوا في ما جاء عليه المُتحدث، وصدقوا قوله، لأننا في العراق، ومع وجود عشرات القنوات الفضائية وإمكانات بشرية كبيرة وقدرات فنية عالية، بالإضافة إلى الدعم المالي، فإننا لم نقو على مُجاراة قناة فضائية من وزن (bein Sport)، التي يُسجل لها الفضل الكبير في إطلالة قطر العالمية (رياضيا) وكذا الحال مع قنوات عربية أخرى، وكُلنا ندرك أن النوافذ تلك تمكنت من تنفيذ سياسة مُخطط لها ووحدت جملة من الأمور المُهمة التي (صدّرت) للمنطقة الخطاب الرياضي، الذي أُريد لها أن تتحدث به.
ويقينا، بيننا ثُلة تُعضّد ما نذهبُ إليه، ذلك أن ظهور مثل هكذا منصات إعلامية عربية تنغمس (رؤية) في خطاب يُمثل في حيثياته المهنية فاصلا من فواصل ماكنة العولمة الإعلامية، عبر استنساخ الرسالة الصحفية للأحداث وتعميمها وفق احترافية مطلوبة، إنما هي خطوة تسير بالاتجاه، الذي ينتقل بالجميع الى فضاء مُترامي الإبداع.
بيت القصيد هنا أن عديد فضائياتنا، التي ولدت بعد 2003 لم تتمكن من بلوغ مرحلة التأثير في الرأي العام، بالدرجة، التي تضمن لها الحضور المطلوب على الساحة الخارجية، لافتقارها لرؤية واضحة، وهي تستند في رسالتها على فلسفة (جامدة) ترتبط بمصالح مُتباينة، مع أن جُلها تناغي في بعض برامجها الرياضية ومُفردات منهاجها، المشاعر الجماهيرية للإيحاء بمهنية وموضوعية سياستها!.
لقد جلبت (bein Sport) إلى قطر ما عجزت عشرات الفضائيات (الوطنية) أن تُوصله عن العراق، ومرد ذلك واضح وهو أن خطاب القناة المذكورة واضح وخطوات بلوغ الهدف مرسومة، في حين ان بعض مُؤسساتنا الإعلامية لا تلمس في فقراتها الرياضية هوية مهنية يُمكن الاعتداد بها، ورسالاتُها خاضعة لمعايير بعيدة كل البعد عن التخطيط الستراتيجي وتفتقد إلى الثوابت في إصابة غاياتها، وتتعاطى مع الحدث الرياضي وكأنها محطات بث أرضية، بينما تنشغل الأخرى بتكذيب الأنباء، التي تتناولها الأولى وهو ما عاد للمُتلقي بـ(تشويش) فكري كان من نتيجته أن رسم في مخيلته صورة غير واضحة عن هدف وسياسة اغلب البرامج الرياضية لقنواتنا الفضائية، وأخالني أن هذه الرؤية انتقلت إلى المشاهد الخارجي ما جعل مُحلل قناة الكأس غير قادر على تكوين (فكرة) مُباشرة بصدد أهلية البصرة لاستضافة البطولة الخليجية.