دموع الإله

ثقافة 2020/12/22
...

حيدر الهاشمي
 
كانت جدتي تخفي دموعها، في كيسٍ صغير، حتى لا يراها منا أحد.كانت توفي نذورها كلها، حين يعود أبي من الجبهة سالماً.وقبل أن يبدأ بالحديث مع رفاقه عن القتال والجنود الضائعة أحلامهم.كانت تضعنا في علبٍ صغيرة، مثل قطع الحلوى، وكانت تغلق الباب جيداً، حتى لا يتسلل إلينا الموت.وفي صلاتها، كانت ترفع يديها نحو السماء، حتى نرى في عينيها دموع الإله.
انتهت الحرب وعاد الجميع إلى اهله إلا أبي قال أحدهم: نبتت في صدره شجرة من الرصاص.
وقال آخر: شاهدنا في خوذته أصابع رفاقه المبتورة، تنمو وتخضر على شكل مزهريات!!
حينها علمنا أن الأمطار التي تأتي في غير موسمها، هي دموع جدتي التي كانت تحبسها في الاكياس، وأن قطع الفحم الصغيرة، هي أحلامها التي صبغها الحزن فجأة.
كانت تقول لنا، لا تضعوا الستائر في بيوت الشهداء، هناك صغير أخبروه، أن والده ذهب إلى السماء، صار كلما يشتاق إليه يتحدث مع النجوم.ومنذ ذلك الحين وهي تجلس خلف الباب، تراقب النافذة،تمسك صورته جيداً، تخاف من هبوب العاصفة، تخشى أن يسقط على الأرض مرتين.