*ا.م .الدكتور احمد الحسـيني
تسربت قبل ايام نسخة من مقترح قانون الموازنة العامة الاتحادية لعام 2021 وسط استغراب وتساؤل الاوساط الشعبية عن مصير موازنة العام 2020 غير المقرّة، والتساؤل الاهم وسط كل هذه الفوضى في الاسواق المحلية واروقة الحكومة ومجلس النواب العراقي، هل تضمنت موازنة 2021 اصلاحات حقيقية لبنية الاقتصاد العراقي؟ .
من خلال قراءتنا لمقترح مشروع قانون الموازنة العامة " المسرب " للعام 2021 يتضح ان هذه الموازنة فيها خلطة عجيبة وغريبة، لم نألفها في حياتنا العلمية والعملية، فثلاثية تخفيض قيمة الدينار ليصبح 1450 دينارا لكل دولار، ومقترح تخفيض معظم مخصصات الرواتب لجميع الموظفين العاملين في مؤسسات الدولة، وفرض مزيد من الضرائب، التي يبدو انها تصاعدية، كل هذه المؤشرات يضاف لها العجز المخطط والذي بلغ حسب التقديرات الاولية مايربو عن 57 تريليون دينار جعل من مقترح موازنة 2021 بعيدة عن الواقع الذي يعيشه العراقي.
فارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب بنسبة ناهزت 23 بالمئة، وزيادة اعداد المسجلين ضمن شبكة الحماية الاجتماعية، وتحمل البلد لاعباء اضافية ناجمة عن اثار( 19 - COVID ) وعدم استقرار اسعار النفط الخام، والمشكلات السياسية بين المركز والاقليم، والوضع الداخلي الهش بسبب الاحتجاجات الشعبية وغيرها من العوامل الداخلية والخارجية جعلت من مقترح موازنة 2021 تبدو وكأنها لا تحاكي الواقع ويبرز هذا بشكل جلي من خلال المثبت الديناميكي المقترح في الموازنة " سعر بيع برميل النفط الخام " والذي قدر بـ 42 دولارا للبرميل في حين ان السعر العالمي قد تجاوز الـ 50 دولارا منذ فترة ليست بالقليلة، والتساؤل الذي يطرح نفسه في هذه الفترة الحرجة" هل تخفيض قيمة العملة ورفع سعر صرف الدولار ستكون له انعكاسات ايجابية ؟ خصوصا في مسألة معالجة عجز الموازنة العامة ؟".
باعتقادنا ان عدم وجود جهاز انتاجي مرن، ومزاحمة القطاع العام للقطاع الخاص بسبب ضعف القاعدة القانونية واستغلال التشغيل للايدي العاملة في القطاع الحكومي لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية، والسوق المحلية الغارقة بالبضاعة الاجنبية وعدم ضبط الحدود امام السلع الاجنبية، والاستمرار بسياسات مالية ونقدية وتجارية من شأنها اضعاف القطاع الخاص وعدم ضبط الايقاع والتناغم بين السياسات الاقتصادية وعدم توفير البيئة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الآمنة لتخفيض قيمة العملة خصوصا مع استمرار البنك المركزي العراقي بسياساته النقدية غير المنضبطة، في ما يتعلق بنافذة بيع العملة وما نجم عنها خسارة العراق لأكثر من 22 مليار دينار عراقي خلال الاسبوع الماضي بسبب الفرق بين السعر الرسمي للصرف والبالغ 1190 دينارا للدولار والسعر الموازي للصرف والذي تراوح بين 1340 و 1390 دينارا للدولار ، كل هذه العوامل وغيرها سينتج عنها في المستقبل القريب تحميل الفئات الهشة في المجتمع لآثار تلك السياسات والاجراءات الغريبة والعجيبة، ننتظر في قادم الايام ما سينتج عن مجلس النواب الموقر من تعديلات في الموازنة المقترحة 2021 ليكون لنا حديث آخر.
رئيس قسم العلوم المالية والمصرفية/ كلية دجلة الجامعة
*استشاري المالية العامة والأزمات المالية