في يوم .. في شهر .. في سنة!! 

الرياضة 2020/12/27
...

علي رياح  

 
بإمكان الكاتب الصحفي أن يجد حدثا يكتب عنه ، خصوصا إذا كان هذا الحدث قريبا إلى  ذاكرة الناس . لكن الخوض في حدث مضت عليه عقود من الزمن ليس أمرا متاحا لكل مختص ، ذلك لأن ذاكرة الباحث ربما تضعف مع توالي الأيام ، فما بالك بعامة الناس ممن لم يشاهدوا أو يشهدوا الحدث أو يعيشوه ، وربما مرّت عليه السنون ولم تترك أثرا يمكن العودة إليه لاستنهاض ذلك الحدث من رقدته ، واستعادته ليكون ماثلا مرة أخرى – وبعد زمن طويل – أمام أنظار الجميع!  
تلاحقني هذه الفكرة كل يوم تقريبا وأنا أتابع في صفحتي الشخصية على الفيسبوك ما يمكن وصفه بـ (عصير الأحداث الكروية المُركـّز) .. اتحدث عن صديق الفيسبوك ستار الساعدي الذي عوّدنا على أن يقدم نشرته اليومية الموجزة لحوادث الكرة العراقية مع كل مساء ، كأنها طبعة مسائية بلغة الصحافة .. وهذا اللون من الطبعات يأتي بأخبار اليوم نفسه حتى الظهيرة خلافا لما هو حال الصحيفة الصباحية التي تغلق أبوابها وصفحاتها عند مساء اليوم السابق للصدور!  
هذا تشبيه يستحقه الموثق ستار الساعدي .. لا أعرف هذا الرجل من مسافة قريبة ، لكنني أعرف كم من الجهد يمكن أن يبذل كي يأتي لنا بمجموعة أحداث ومباريات ونتائج تمت في يوم معين خلال سنوات مختلفة عديدة ومديدة .. وبإمكانك أن تتخيل حجم الوقت الذي يخصصه الساعدي لرصد هذه اليوميات ، والأصعب من توافر الوقت أن يجد المصادر اللازمة الموثوق فيها والتي تعيده بالزمن إلى خمسين أو حتى ستين سنة مضت ثم ما تلاها حتى يومنا هذا!  
عمل شاق . هل يمكن أن يُجرّب أحدنا الخوض في هذا البحر المتلاطم من الحصاد الكروي العراقي مع الحرص الشديد على ألا يمر يوم أو لا يمر حدث في غير يومه.. نحن في وقتنا الحاضر نختلف على تفصيلات ووقائع تمّت قبل سنوات قليلة مضت على سبيل المثال ، فكيف بمن يصل إلى كل هذا المنجز بإمكانيات اتصورها فردية ذاتية قد لا تنهض بها إلا مؤسسة متكاملة تتوفـّر لها الذاكرة والأرشيف والتوثيق؟!  
معجب أنا كثيرا بالعمل الذي يقوم به صديقنا ستار الساعدي . اتخيّـل الرجل وهو يفترش ما لديه من سجلات ودفاتر وصحف لكي ينتقي في دقة شديدة .. عمل فذ فعلا اتمنى أن يتحول قريبا إلى كتاب يحمل عنوان .. (الكرة العراقية .. في يوم .. في شهر .. في سنة)!!