بغداد: حيدر الربيعي
اقترح المستشار المالي في رئاسة الوزراء، الدكتور مظهر محمد صالح، وضع برنامج حكومي صارم يعوض المتضررين جراء تعديل سعر الصرف، من الطبقات الفقيرة والهشة والمحدودة الدخل، وبينما أكد امكانية حصول انكماش في الطلب على السلع والخدمات في السوق الداخلية جراء ذلك التعديل، اشار الى أن تخفيض سعر الصرف قد يوفر حماية جزئية للمنتج المحلي.
وقوبلت اجراءات تغيير سعر صرف الدينار مقابل الدولار، التي اقدم على تنفيذها البنك المركزي مؤخرا، بردود فعل متباينة، ففي الوقت الذي ادت تلك الخطوة الى ارتفاع واضح في الاسعار، واسهمت بخفض القيمة الشرائية لرواتب الموظفين، يبين مختصون في الشأن الاقتصادي، ان اجراء «المركزي سيسهم في تحسين الناتج المحلي من القطاعات المختلفة، كالقطاع الصناعي والزراعي والخدمي، لأنه سيزيد نشاط هذه القطاعات، في حين «رفض العديد من اعضاء مجلس النواب ذلك التوجه، واصفين اجراءات معالجة الازمة الاقتصادية بـ«الحلول الترقيعية».
تفسير اقتصادي
وعزا صالح خلال حديثه لـ«الصباح» التوجه صوب تعديل سعر الصرف الى عدة عوامل ترتبط بالدرجة الاساس بمشكلات العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات الذي قدر العجز فيه خلال العام الحالي2020 بحد يبلغ سالب 20 بالمئة والذي انعكس بشكل ثنائي كعجز في الموازنة العامة للدولة (العجز الثنائي) ما يؤشر ضرورة تعديل سعر الصرف، مبينا انه وبخلاف ذلك التوجه «ستتآكل الاحتياطيات الاجنبية للبنك المركزي العراقي».
ويلفت المستشار المالي في رئاسة الوزراء، الى أن «سعر الصرف يمثل القيمة الخارجية للنقود في العراق او في اي بلد آخر في العالم، ويميل نظام الصرف في بلادنا الى اعتماد ما يسمى بسعر الصرف الثابت او المربوط بالعملة الاجنبية وتحديدا الدولار، ذلك بسبب ان تدفقات النقد الأجنبي الى العراق (ولاسيما عوائد النفط كمورد سيادي ) جلها بعملة
الدولار».
التمويل بالتضخم
ويرى صالح، ان «توجهات الموازنة العامة ٢٠٢١ وسعيها لاجراء تخفيض في سعر الصرف، وفي اقتصاد ريعي كالعراق، ذات صلة مباشرة بتمويل الموازنة العامة للدولة وتمثل في جوهرها وسيلة تمويل تضخمية (التمويل بالتضخم) اي شراء دينار رخيص مُصدر من البنك المركزي بعائدات النفط الحكومية من الدولارات او العملة الاجنبية المرتفعة القيمة لسد جانب من العجز في الموازنة العامة يعادل نسبة التخفيض.
انكماش في الطلب
ويؤكد المستشار المالي، انه وعلى «الرغم من ان السوق المحلية نفسها لا تتأثر (بشكل مباشر) بالتخفيض، لكنها ستنقل العبء السعري او القيمي الى المستهلك او المشتري النهائي وبشكل مباشر كضريبة تضخم انتقالية (باستثناء حصول مشكلات وقتية تتعلق بالتعاقدات بين المتعاملين ومبيعات الاجل والديون والالتزامات المتبادلة ).
وأوضح « ان ذلك لا يعني عدم حصول انكماش في الطلب على السلع والخدمات في السوق الداخلية، لاسيما الطلب على السلع ذات المرونة العالية ومنها السلع الكمالية او الترفيهية»، منوها بأن «التخفيض في سعر الصرف قد يوفر حماية جزئية للمنتج المحلي لبعض السلع التي يمثل وجودها كمستوردات اغراقا في السوق الداخلية، ما يؤدي الى تحسن تدريجي في الحساب الجاري لميزان المدفوعات العراقي .
ويبين صالح، ان «المتأثر الاكبر من تخفيض سعر الصرف ،هم ذوو الدخل المحدود والفئات الفقيرة والهشة في المجتمع، اذ ستهبط القوة الشرائية لمدخولاتهم بالعملة المحلية بنسبة انخفاض القيمة الخارجية للنقود، بسبب ارتفاع الاسعار، لاسيما المستوردة الضرورية، ما يقتضي برنامجا حكوميا صارماً يعوض المتضررين من الطبقات الفقيرة والهشة والمحدودة الدخل سواء بتعديل تخصيصات الرعاية الاجتماعية او اشاعة برنامج وطني خاص يتصدى لحالات انكماش الدخل النقدي او انعدام فرص الدخل الحقيقي نفسه للطبقات الاجتماعية جراء الفقر او البطالة، مشيرا الى ان ذلك الاجراء يمثل واحدة من قواعد العدالة الاجتماعية التي تتبعها السياسة المالية من خلال تنفيذ الموازنة العامة لبلوغ
اهدافها».