العراقيون يحيون يوم الشهادة والسيادة

العراق 2021/01/04
...

 بغداد: هدى العزاوي
 
أحيا العراقيون في العاصمة بغداد والمحافظات أمس الأحد؛ يوم الشهادة والسيادة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد قادة النصر على الإرهاب، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الشهيد أبو مهدي المهندس، وقائد فيلق القدس الإيراني الشهيد الجنرال قاسم سليماني، اللذين استشهدا ومجموعة من رفاقهما بضربة أميركية غادرة قرب مطار بغداد الدولي في 3 كانون الثاني 2020، وأكد زعماء سياسيون وبرلمانيون في كلمات وبيانات بالمناسبة أن "دماء الشهيدين التي وحدت العراقيين ضد الإرهاب، هي نفسها التي وحدتهم للمطالبة بالسيادة الكاملة وضرورة مغادرة جميع القوات الأجنبية من أراضينا".

ومنذ فجر أمس، تدفق مئات الآلاف من المتظاهرين الى ساحة التحرير وسط بغداد ومناطق أخرى قرب ساحة الحرية وشارع مطار بغداد لإحياء الذكرى الاولى لاستشهاد أبو مهدي المهندس وسليماني ورفاقهما، وتمت المسيرات التي رفعت صور الشهيدين في ظل إجراءات صحية وأمنية مشددة.
وأكدت وزارة الداخلية، نجاح الخطة الأمنية الخاصة بالتظاهرات الخاصة بالذكرى،  وقال الناطق باسم الوزارة اللواء خالد المحنا: إن "الخطة الأمنية المخصصة لحماية التظاهرات الخاصة بالذكرى الأولى لاستشهاد نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ورفاقه سارت بانسيابية عالية ولم يسجل أي حادث"، وبين أن "القوات الأمنية منذ أيام مهتمة بالممارسات الأمنية والتدريبات اللازمة"، لافتاً إلى أن "أماكن التظاهرات في ساحة التحرير والمناطق المحيطة بها جرى تأمينها بشكل 
كامل".
 
للحشد كلمة
رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، ذكر في كلمة له من ساحة التحرير، بمناسبة الذكرى الأولى لحادثة الاغتيال، ان "الرد على الجريمة جاء عبر عدة طرق، منها القرار البرلماني القاضي بخروج القوات الأميركية من العراق"، وأضاف: "هذا القرار يجب أن ينفذ على أرض الواقع"، مشيراً إلى أن "الردود الشعبية والسياسية توالت لإدانة هذه الجريمة".
وتابع الفياض ان "وحدة العراق وجمهوره وأمة الحشد الشعبي، هي سر قوته"، مشيراً إلى أن "إثارة النعرات الطائفية في العراق أسهمت في تأخير مسيرته".
وكان مجلس النواب، قد صوّت العام الماضي، على إخراج القوات الأميركية والأجنبية من البلاد، بعد إقدام طائرات أميركية على تنفيذ غارة جوية قرب مطار بغداد الدولي، أسفرت عن اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، وقائد فيلق القدس، قاسم سليماني.
 
إخراج القوات الأجنبية
بدوره، دعا زعيم تحالف الفتح هادي العامري، الحكومة الى الالتزام بتعهداتها بإخراج جميع القوات الاجنبية من العراق.
وقال العامري في كلمة له من ساحة التحرير: "يجب تحقيق السيادة الوطنية الكاملة وإخراج القوات الأميركية، وهذا الامر لا يمكن المساومة عليه مهما كانت التضحيات"، وأضاف انه "يجب العمل على استعادة هيبة الدولة"، مؤكدا أن "الشهيد أبو مهدي المهندس سعى لتحقيق هذا الهدف وهو استعادة هيبة
الدولة".
وشدد العامري على ضرورة "إعادة دور العراق التاريخي في المنطقة، وأن استقرار العراق يعني استقرار المنطقة، وهذا لا يمكن أن يكون من دون اخراج جميع القوات الاجنبية من العراق"، مؤكدا "الاستمرار بدعم المقاومة والتصدي لكل مشاريع الهيمنة والاستكبار".
ولفت العامري إلى أن "الشهيدين المهندس وسليماني مدارس جهادية ستنجب آلاف الشباب الرسالي المضحي ليس في العراق فقط بل بكل العالم"، مبينا "سيبقى الحشد الشعبي جنبا الى جنب مع القوات الامنية لتحقيق السيادة الكاملة للعراق ودفع الشبهات والمؤامرات"، كما طالب العامري الحكومة بـ"العودة الى الاتفاقية الصينية التي تعطلت لأسباب مجهولة مع اننا اليوم في أمس الحاجة لها".
 
تأبين السفارة
وكانت السفارة الإيرانية ببغداد، أقامت الأسبوع الماضي، حفلاً تأبينياً في الذكرى الأولى لاستشهاد المهندس وسليماني، وقال رئيس تحالف الفتح هادي العامري في كلمة له خلال الحفل: إن "الشهيد سليماني دافع عن العراق دفاعا مستميتا أخجلنا نحن العراقيين بما قدمه من فضل للتخلص من الإرهاب"، مبينا أن "الشهيد المهندس كان دافعنا الأساسي في معارك القاعدة وداعش".
وأضاف أن "الشهيد سليماني كان صاحب الفضل الكبير على العراقيين بالتخلص من الاحتلال وداعش"، ولفت العامري إلى أن "الشهيد المهندس كان مجاهداً كبيراً منذ السبعينيات وامتثل امتثالاً حقيقياً لتوجيهات الشهيد محمد باقر الصدر"، مؤكدا أن "الشهيد المهندس كان مربيا ومعلما".
بينما أكد الأمين العام لحركة "بابليون" ريان الكلداني، أن القائدين الشهيدين أبو مهدي المهندس والفريق قاسم سليماني أول من وقفا مع المسيحيين في سهل نينوى.
وقال الكلداني في كلمة خلال الحفل التأبيني بالسفارة الإيرانية: إن "من وقف مع المسيحيين والشبك والتركمان وبقية الأقليات في سهل نينوى هما الشهيدان سليماني والمهندس، ومن حرر السهل هو الحشد الشعبي والقوات المسلحة العراقية"، ولفت إلى أن "الشهيدين كانا داعمين ومساندين للأقليات"، لافتاً إلى أن "المقاومة باقية وهي ليست للمسلمين فقط وإنما للأحرار في كل العالم".
وأضاف الكلداني، أن "إيران وقفت مع العراق وفتحت مخازن السلاح لنا"، مؤكداً "نحن لا ننتمي لإيران أو أميركا، ولكن لا ننسى من وقف معنا، وإذا أنكر بعض المسلمين فضل الشهيدين سليماني والمهندس فنحن المسيحيين لن ننساهما أبداً".
بدوره، أكد السفير الإيراني في العراق إيرج مسجدي، أن "هذه الجريمة والاغتيال سجلا في تاريخ أميركا، ولن تمحى هذه الجريمة من ذاكرة الأجيال، لقد ضحى المجاهدان أبو مهدي المهندس والحاج قاسم سليماني بأنفسهما في ساحة المعركة منذ شبابهما، ومن المؤسف أن من جاهد في مكافحة الارهاب استشهد على يد قوى التحالف"، منوهاً بأن "دماء هؤلاء الشهداء أصبحت وسيلة للتعمق الفكري والثقافي ما بين البلدين، فاليوم سقطت دماء شبابنا (شباب إيران) وشباب العراق على أرض العراق لهدف مشترك وواحد لمكافحة الارهاب".
وبين السفير الإيراني، أن "الثأر لدماء شهدائنا ليس بالضرورة قتل الآخرين، وثأرنا سيكون بخروج الأميركان من المنطقة الذي سيمثل انتصاراً وتحرير الاراضي من الظلم والغطرسة".
وأكد مسجدي، أن "الجمهورية الاسلامية الايرانية لن تدخل العراق في دائرة الصراع مع أميركا، فالأراضي العراقية مقدسة وهو بلد الانبياء ويجب أن يكون بمأمن بالكامل، ولا صحة لما يشاع بأن العراق سيكون ساحة للصراع ما بين إيران 
وأميركا". إلى ذلك، وصف مستشار الامن الوطني، قاسم الاعرجي، حادثة اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس قاسم سليماني، بـ"الاعتداء الاثم والانتهاك للسيادة الوطنية".
وقال الأعرجي في تغريدة بمناسة الذكرى السنوية الاولى لاغتيال القائدين: "وإنَّ الرّاحلَ إليكَ قريبُ المسافة، ‏شهداءنا، هنيئاً وطوبى لكم الشهادة التي توّجتْ التضحيات"، وأضاف، "نجدد القول؛ فإن ما حصل هو اعتداء آثم وانتهاك للسيادة الوطنية".
 
مشاركة واسعة
مدير إعلام الحشد الشعبي مهند العقابي أشار في حديث خاص لـ"الصباح" الى أن "هؤلاء القادة استشهدوا إثر حادث غادر وجبان قامت به القوات الاميركية والتي خالفت الاتفاقات الامنية والمعايير الانسانية التي عقدتها سابقا مع الحكومة العراقية،  وبالتالي انتهكت سيادة البلاد بهذه الحادثة التي لن تمحى من الذاكرة، وقد جاء الرد المشرف للحكومة العراقية والبرلمان الذي اقتضى بخروج القوات الأجنبية من العراق إثر هذا الفعل الجبان".
وأضاف، أنه "باعتراف من كبار قادة الجيش ومكافحة الارهاب، فإن هؤلاء القادة وعلى رأسهم أبو مهدي المهندس، أول من اسهموا في عملية التخطيط للتحرير والتنفيذ ".
منوها "نطمح الى دولة قوية تحمى من قبل القوات العراقية التي اثبتت وبجميع صنوفها قدرتها على حماية هذا البلد من دون الحاجة الى وجود القوات الاجنبية، لذا حملت هذه الذكرى شعار (الشهادة والسيادة) شهادة من ضحى من أجل هذا الوطن والسيادة بخروج قوى التحالف من الاراضي العراقية".
وأشار العقابي، إلى أن "هذا اليوم شهد مشاركة جميع الاطياف الشيعية والسنية والمسيحية والايزيدية والكرد والعرب والتركمان والشبك، كونهم يدينون لقادة النصر بالفضل الكبير لأنهم انقذوا مناطقهم من الجماعات الارهابية، ومن أجل انقاذ التنوع العراقي قاتلنا في جميع المدن والقرى والصحارى من أجل إعلاء كلمة الحق وإبقاء العراق موحدا بجميع أطيافه"، وبين مدير إعلام الحشد الشعبي أنه "ستكون هناك عدة فعاليات وعلى مدار أيام لاستذكار الشهيد ابو مهدي المهندس بمشاركة مئات الآلاف من الشمال الى الجنوب".
 
استنكار نيابي
عضو لجنة الامن والدفاع النيابية النائب كاطع الركابي أشار في حديث لـ"الصباح"، إلى أن "استشهاد المهندس كان صدمة كبيرة لكل أطراف المقاومة في المنطقة سواء في العراق أو على مستوى البلدان المجاورة له".
واصفاً إياه بـ "مهندس الانتصارات خاصة في الحرب ضد تنظيم داعش الارهابي، وكانت له بصمات واضحة في جميع القضايا المرتبطة بجبهات القتال". 
النائب يوسف الكلابي أفاد في حديث خاص لـ"الصباح"، بأن "الأب الشهيد الحاج ابو مهدي المهندس ورفاقه والشهيد القائد الحاج قاسم سليماني ضيف العراق والمستشار الكبير أدوا أكبر الادوار في مقارعة داعش والانتصار عليه، وهم من أسمتهم مرجعيتنا الرشيدة بقادة الانتصار".
ويستذكر الكلابي محورين، الاول هو "الكذب الاميركي بما يتعلق بحقوق الانسان والعدالة وما قامت به من انتهاك صارخ للسيادة العراقية والاحترام المتبادل ما بين الدول والجريمة الشنيعة التي قامت بها تلك الدولة التي ادعت ظلما وجورا احترامها لمبادئ حقوق الانسان، أما المحور الثاني فهو حياة المهندس وسليماني المباركة والمجاهدة التي اختتمت بالشهادة، الا انهما تركا إرثاً للآلاف الذين تربوا على يد ابو مهدي المهندس ليحملوا نهج الحق والوطنية في مقارعة الظلم والطغيان".
 
انعطافة كبيرة
من جانبه، أشار رئيس لجنة الخدمات والاعمار النيابية الدكتور وليد السهلاني في تصريح خاص لـ"الصباح"،  الى أن "شهادة الحاج ابو مهدي المهندس وضيفه الحاج قاسم سليماني، مثلت انعطافة كبيرة في واقع الشعب العراقي الذي كان منشغلا في ظروف حرجة".
مبيناً أن "استهداف شخصية سياسية عسكرية من قبل القوات الاميركية لم يكن مبرراً، فقد كان للمهندس دور كبير في تحرير الاراضي العراقية من تنظيم داعش الارهابي، وأن اعترافهم بمسؤولية قتل الحاج ابو مهدي المهندس يمثل سابقة كبيرة عند صناع القرار في العراق والقوى السياسية والنيابية، وبدورنا نستنكر هذا التصرف، وإن ذكرى استشهاد ابو مهدي المهندس تزيد الهمة والعزيمة لدى محبيه وهي قوة داعمة ومحركة لكل ضمير عراقي محب لبلده".
ويقول السهلاني: "لم يكن ابو مهدي المهندس لفئة أو طائفة معينة، فقد مثل القائد الشيخ والأب، يبكي ويتألم عند ضماد جراح ابن الفلوجة كما يبكي على ضماد ابن البصرة والناصرية، فقد كان شخصية وطنية شجاعة تتحرك في صفوف الصد الاول  بساحات القتال، وقد كنت معه في كل موطن ولاحظته يتقدم ويستطلع بشكل شخصي على مجريات الاحداث".
ودعا السهلاني العراقيين، إلى اخذ العبرة من ذكرى استشهاد الحاج المهندس كمثال وطني لطمس الخلافات في ما بينهم، والعمل  بكل جهدهم لكي يكون العراق حراً، ونحن أول من يدعو  الى أن يكون العراق حراً وسيداً لنفسه، وأن يكون كامل السيادة".