أحمد حسين
في 18 كانون الأول من كل عام تحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي للغة العربية، وهي ليست منة منها بل هو واجب إنساني بحسب معتقدي الشخصي، فمن وجهة نظري اعتقد من الإجحاف اختزال الاحتفالات العالمية بحجم تعداد نفوس هذه الفئة أو تلك، وفي قرارة نفسي أتمنى لكل فئة بشرية يوما عالميا أو محليا كأضعف الإيمان، حتى وإن كان عدد أفراد هذه الفئة لا يتعدى أصابع اليد الواحدة، هذه قناعتي التي لا أفرضها على غيري.
من حقي كفرد في هذا المجتمع البشري الشعور بمشاطرة الآخرين لأفراحي وأحزاني، فهذا ما يعزز أواصر الأخوة الإنسانية ويحافظ على التنوع الذي خلقه الخالق، بغض النظر عن المسمى العقائدي أو العلمي لهذا الخالق، وبالتالي كما أنني احترم الآخر المختلف أريد منه رد فعل إيجابي تجاهي، أي بمعنى أكثر وضوحاً أما أن نتبادل مشاعر المحبة والمساواة أو الكراهية والتمييز، هكذا أرى
الأمر.
لكن عندما يتم احتكار وتحجيم اللغة العربية بحرف واحد، وليسمح ليّ عشاقها بتسميته بالحرف الهجين أو المزعج، وهو حرف الضاد لمجرد أن الآخر المختلف لا يستطيع نطقه فجعلوا منه عارا وسبة، فهنا يكون الأمر تمييزاً عنصرياً مناطقياً، ما يستفزني هو تجاهل 27 حرفاً إكراماً لحرف يتيم، بل المصيبة أن اللغويين يقرون بأن قلة قليلة من العرب تستطيع نطقه بشكل صحيح، حتى أن المصريين يعيرون باقي العرب بالقول (نحن بلد الضاد) وهنيئاً لهم بهذه المفخرة الطلسمية. أنا لا أفهم كيف ترتهن لغة بشرية بحرف من حروفها وما هي ميزة وقدسية هذا الحرف، هنالك حروف في لغات لقوميات عراقية لا يستطيع العرب نطقها فهل هذه مفخرة، بل ربما لكل لغة بشرية حرف أو حروف تميزها عن غيرها، فهل علينا صنع أصنام لكل تلك الحروف، بل في اللغة العربية حرف آخر لا ينطقه أغلب العرب بشكل صحيح وهو حرف السين في كلمة (سراط)، فالبعض ينطقه (صاد) والبعض الآخر ينطقه (سين) بوضوح، وهو في الحقيقة دمج بين الحرفين؟.
أعتقد أن كل لغة بشرية تستحق الاحترام وعلى أقل تقدير عدم النظر لها بدونية، وإذا أردنا تمييز لغة على غيرها فذلك رهن بثرائها الفكري والعلمي واللغوي والإنساني وليس لتميزها بحرف أو حرفين أو أكثر.