مع اطلالة عام 2021 .. هل نشبت الحرب العالمية لتنافس اللقاحات؟

آراء 2021/01/09
...

   د. قيس العزاوي
 ليس من اليسير الكتابة عن اهم احداث عام 2020 من دون ان يكون أولها وعلى رأسها ما حل بالبشرية في تلك السنة المشؤومة، التي سجلت اكبر الكوارث الصحية العالمية بغزو فيروس كورونا منطلقاً من ووهان في الصين ومنتشرا في كل ارجاء العالم. لقد سبق أن عرفت البشرية اوبئة قاتلة مثل الطاعون الانطوني وطاعون جيستنيان، الذي دمر الامبراطورية الرومانية، وظهر وباء عرف بـ “الموت الاسود” في الصين والهند ودول حوض المتوسط وأودى بحياة نصف البشرية وقتذاك. ثم جاء وباء الجدري الياباني والطاعون الأسود ثم الكوليرا، فالحمى الصفراء ومرض الايدز وفيروسات سارس وايبولا وكورونا، أوبئة مضت وانقضت ولكن الوباء الاخير أقسم على البقاء وقيل لنا ان نتعايش معه!.
لقد بدأ عام 2020 عنيفاً فمع بزوغه أطل علينا بمخاطره من الايام الاولى، ففي اليوم التاسع منه سجلت اول حالة وفاة بفيروس كورونا، ولم تمض بضعة ايام اخرى من الشهر الاول للسنة الجديدة حتى اعلنت الصين عن اصابة 614 صينيا ووفاة 17 شخصاً . لقد غزت الجائحة العالم باسره من دون تفريق بين الغني منه والفقير، الكبير والصغير، حتى اصيب اكثر من 50 مليون فرد في العالم وأودى الوباء بحياة اكثر من مليون ونصف
 انسان .
مثلما اصاب الفيروس عامة الناس، من دون استثناء فقد اصاب ايضاً خاصتهم على الرغم من الاحتياطات الوقائية وحياتهم الانعزالية الخصوصية، كقادة ورؤساء وملوك وأمراء. لقد اصيب بالفيروس عدد مهم من قادة دول العالم، بعضهم اخفى ذلك واخرون اعلنوه ومنهم : الرئيس الاميركي دونالد ترامب،  الرئيس الفرنسي ايمانوئيل ماكرون، الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، رئيسة بوليفيا جانين آنييز، رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير مياردي وعقيلته، كما سجلت امارة موناكو اصابة اميرها البرت ووفاة الاميرة ماريا تريزا، وهي اول اميرة تموت من الوباء، واصابة الامير البريطاني تشارلز.. واصابة عدد من رؤساء الوزارات ومنهم: رئيس وزراء روسيا ميخائيل ميشوستين، رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون،  ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز. ولم يستثن الوباء الرياضيين والفنانين والصحيين، فاصاب عدد كبير من مسؤولي الصحة والاطباء والممرضين لاختلاطهم بالمرضى.
لقد ودعنا عاماً غير مأسوف عليه واستقبلنا آخر لا نعرف مآلاته. ونحن في حيرة المكان والزمان نراوح ما امكننا كسباً للوقت، وقد بتنا اهدافاً ميسورة لموجات فيروس الوباء: الموجة الاولى، التي لم تنته رغم دخولنا في الموجة الثانية، والثالثة التي تبارى علماء الفيروسات بوصفها واعلمونا بانها تنتظر على الابواب لكي تقتحم علينا حياتنا وتتركنا في عزلة جديدة لا يعلم سوى الله آفقها ومداها
 ومترتباتها. 
عام مضى اعتبرته مجلة تايم الاميركية هو العام الأسوأ الذي عرفته البشرية، عام قفلت فيه المدارس والمقاهي والمطاعم والمصانع والمراكز الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وأجبر3,9 مليارات شخص اي نصف البشرية على الحجر الصحي في منازلهم، يعانون اكثر انواع القلق رعباً .. الشوارع خالية من البشر، وحدها المستشفيات اكتظت بساكنيها، وعاجزة عن تقديم خدمتها التي اقتصرت على بعض النصائح الصحية التي لا تخرج عن “الموعظة الحسنة”.
 لقد أضعف الوباء الاقوياء وساوى بينهم وبين الفقراء واربك موازين القوى الدولية، واعاد حسابات اقطاب القوة، لكون القوة نفسها تغير حسابها، فسباق التسلح وتقدم تكنولوجيا العنف وتنافسها لم تنفع عندما اجبر الوباء إعادة تنظيم العنف بمقاييس وموازين اخرى، لا تتمكن ترسانات الغرب والشرق النووية من مواجهتها، وقد عجزت وكالات الفضاء ومركباتها عن مراقبة او وقف تحرك الوباء. وعجزت مراكز البحوث العلمية الغربية فائقة الدقة والتخصص عن مواجهته، حتى ادركت دول الرخاء مواطن الخلل في حياتهم ومؤسساتهم.
وتدريجياً بدأت الحياة تعود من جديد، وكدنا نصدق بداية انقشاع المحنة، لولا اعاد علماء الفيروسات لسماعنا المحاذير ونصحونا بالتعايش الحذر مع الوباء. وعلى الرغم من حملات التطعيم التي بدأت بتنافس لقاحات “موديرنا” و”فايزر” و«أكسفورد - أسترا زينيكا»: و«فايزر - بيونتيك»: لقاح «موديرنا»: و اللقاح الروسي «سبوتنيك 5» والصيني كانسينو، فإن الحرب العالمية الثالثة التي نشبت بين تجار اللقاحات تحركها مصالح قيمتها مليارات الدولارات، ومع ذلك فإن صدقية قدرة اللقاح على مواجهة الوباء، فضلاً عن مخاطر الاعراض الجانبية أمور قابلة للنقاش.. ولسنا على يقين بان التطعيم سيبعد عنا شر البلاء والوباء.