مجالس شؤون العشائر في المحافظات

آراء 2021/01/09
...

   علي كريم خضير 
قد لايدرك الكثير من مسؤولي الدولة دور هذه التشكيلات، والجهود التي تبذلها من أجل حقن دماء العراقيين في السعي من أجل إتمام الصلح بين الأطراف المتخاصمة، وقد سجلت نشاطاتهم إنجازات مائزة، بعد أن وصل الأمر في معظمها إلى طريق مسدود.
ولاشك أن دواعي تناول هذا الموضوع لم تأت من قبيل المصادفة، لكنها تمخضت عن تجربة عملية، ومعايشة حقيقية في قضية ذات علاقة بي في مجلس عشائر محافظة ميسان. إذ وجدت مسؤولين، ورؤساء عشائر غاية في الخلق، والحكمة، والفطنة، والذكاء. وإن جل همهم كان ينصب على معالجة القضايا، والوصول بها إلى بر الأمان.
 ولا نعدم أن نجد للجهات الأمنية الدور الأكبر في مسك زمام إيقاع هذه الخطوات، والإشراف المباشر على هذا الأداء متمثلا بقيادات العمليات، والشرطة في المحافظات كافة، بيد أن التحول السياسي في العراق بعد العام 2003، وما رافقه من تغير نظام الدولة من رئاسي إلى برلماني، إذ أصبحت بموجبه ضرورة الفصل بين السلطات. إقتضت فيها الآلية أن تكون اجراءات كل سلطة بمعزل عن تأثير السلطة الأخرى. وقد يكون عدم التداخل في الصلاحيات من عوامل التحضر، والتمدين، وهو ظاهرة صحية لم نشهدها في الأنظمة السياسية السابقة. 
إلا أن التوازن، وتبادل وجهات النظر بين السلطات لاشك أنها تحقق مبدأ التماسك، والرصانة في الحكم.
 وما من عمل، مهما كانت أهميته، كبيرة أو صغيرة، أنت لن تحقق فيه النجاح الذي خططت من أجله، سوف تشعر بخيبة أمل كبيرة، وعدم جدوى مريرة بسبب هذا الفشل الذي لم تكن لإرادتك أثرا فيه البتة. وإنما هي العوامل الخارجية، والظروف البيئية التي لم تسعف عملك بالظهور والحياة.
 وعودا على بدء، نجد أن عمل مجالس عشائر المحافظات من دون رعاية مجلس القضاء الأعلى يعد حلقة غير مكتملة النصاب بسبب عدم إشراك قضاة لديهم خلفية عشائرية تؤهلهم للمزج بين المفهوم العشائري، والقانوني والخروج منه برؤية جديدة يتوافر فيها الانسجام، والحكمة الموضوعية. 
وإذا كان لمجلس القضاء الأعلى رأي يخالف الإجراء. فينبغي أن يندرج هذا الرأي في جانب المصلحة العامة، لأنها الغاية الأساس في إصدار القوانين الجديدة التي تذيل بها المشاريع القانونية، بكونها تخدم أكبر شريحة من المواطنين، وتحقق استقرارها، وسلمها المجتمعي وعليه، فإن وقوف القضاء إلى جانب إجراءات السلطة التنفيذية يعزز من هيبة الدولة، ويقوض من هيمنة بعض المتنفذين عشائريا، وإقتصاديا، أو سياسيا، ويدفعهم للانصياع إلى إرادة السلطة بطريقة مشروعة، لاسيما أن العرف يعد من المصادر الرئيسة للقانون في كل التشريعات 
العالمية.