موقع العراق ونظرية المجال الحيوي

آراء 2021/01/09
...

   رزاق عداي

كل الحروب التي خاضتها اميركا في القرن العشرين كانت خارج الارض الاميركية، فهي دخلت الحرب العالمية الاولى في عام 1917 الى جانب بريطانيا وفرنسا، ضد المانيا وايطاليا، وروسيا التي كانت تعاني من مصاعب داخلية، اجبرتها على الانسحاب من الحرب، وهذا الوضع مهد الى ثورة اكتوبر الاشتراكية فيها في العام نفسه، اي ان أميركا دخلت الحرب بعد مرور سنتين ونصف من بدايتها. 
أما في الحرب العالمية الثانية، فقد شاركت فيها فعليا في عام 1941 بعد الضربة الجوية العنيفة لميناء ( بيرل هاربر) من قبل سلاح الطيران الياباني في المحيط الهادئ، فدخلت الحرب بفوة الى جانب الحلفاء ضد المانيا واليابان وايطاليا، ولذلك تشكلت لأميركا ستراتيجية المجال الحيوي في الحرب، وهي استخدام الأرض الأخرى او الميادين الحربية خارج الجغرافية الأميركية، التي تدور فيها رحى الحرب، ولذلك شاهدنا ردة الفعل العنيفة، التي بدرت منها بعد ضرب برجي التجارة العالمية في نيوريورك في عام 2001، الذي وفر لها الحجج والمبررات لاجتياح واحتلال دولتين هما، افغانستان والعراق.
حاولت الكثير من الدول اتباع وتقليد نظرية المجال الحيوي في حروبها ونزاعاتها، لأن من شأن هذه الستراتيجية الحربية تحاشي الدمار الذي تتركه الحروب للمدن، وتقلل من الخسائر البشرية، في منطقة الشرق الاوسط، كانت اسرائيل الدولة الاولى في تبني هذه الستراتيجية في حروبها مع الدول العربية المجاورة لها منذ تاْسيس كيانها في عام 1948، في حرب 56، وفي حرب 1967، و 73، ولغاية اليوم هي تناور في مساحة كبيرة من أراضٍ احتلتها في سنة 1967.
اما في حالة الصراع القائم اليوم بين ايران وأميركا، فنظرية المجال الحيوي تأخذ منحىَ اخر، فالعراق الذي ليس طرفا للنزاع بينهما، أصبحت أرضه مجالا حيويا لبلدين يريدان تصفية الحسابات بينهما، كلا البلدين يبرر توجيهه الضربات للاخر على الاراضي العراقية بمسوغات لا تمت بمصلحة للدولة العراقية بصلة، اما الذي عقد الموقف كثيرا وحفز الدولتين على التمادي في اختيار العراق كميدان للمواجهة بينهما، فهو الانقسام المجتمعي داخل العراق بدوافع تارة عقائدية مزعومة، وتارة لاسباب سياسية - ستراتيجية وفرها الاحتلال الاميركي للعراق في سنة 2003 والانسحاب منه باتفاقية اطار ستراتيجي في عام 2008.