عبدالامير المجر
من الأمور التي لفتت انتباهي في طروحات الكثيرين من الاصدقاء واغلبهم من الوسط الثقافي، انه بعد تولي رئيس الوزراء الكاظمي مهامه بأسابيع، صاروا ينتقدون اداءه، لأنه لم يقض على الفساد ويكشف عن قتلة المتظاهرين ويحصر السلاح بيد الدولة.. الخ، لاشك ان لهفة الشعب للخلاص من مأزقه الكبير، تجعله يتصور رئيس الوزراء الجديد، المنقذ المنتظر، لاسيما انه جاء على خلفية انتفاضة شعبية كبيرة، لكن مرد هذا التصور هو انعكاس لصورة الرئيس في مخيالنا الشعبي، لأننا اعتدنا رؤيته ولعقود طويلة، قويا وقادرا على تنفيذ ما يشاء ووقتما يشاء! فهو الذي بأمرته الجيش واجهزة الأمن المتعددة ومختلف الوسائل الاخرى، التي تمكنه من انفاذ اوامره بسرعة، او هكذا كانت تراه الناس سابقا، الشيء الذي فات هؤلاء ان السلطة في عراق ما بعد العام 2003 بفعل تشظيها بين المكونات، ومن ثم المحاصصة الحزبية داخل المكونات نفسها، جعلت جميع رؤساء الوزراء يبدون اشبه بعناوين كبيرة من دون فاعلية حقيقية تتناسب مع الصلاحيات الممنوحة لهم، يضاف الى ذلك ضعف اجهزة الدولة بشكل عام، نتيجة لتغييب اصحاب الكفاءات والمهنيين وتعدد الولاءات في اغلب مفاصلها، ولهذا يجد من يتولى السلطة نفسه اقرب الى من يحاول انقاذ سفينة غارقة بيد جذّاء منه الى قيادتها للبناء والتنمية كما كان يحصل سابقا.
فجميع الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم البلاد، سواء جاؤوا بالانقلابات او غيرها وجدوا دولة قائمة بكامل عدتها الادارية والفنية، وما تغيّر منها هو طاقم قيادتها فقط، خلافا لما حصل بعد العام 2003.. لقد كتبت وأجبت ايضا عن اسئلة وجهت لي بشأن المطالب المشار اليها، وقلت، ان على الحكومة الان هو العمل الجاد على ترصين المؤسسة العسكرية والأمنية، وحين تصبح قبضتها قوية فإنها عند ذاك تصبح قادرة على انفاذ قراراتها بسهولة، وان اية مغامرة متسرعة وغير محسوبة تستهدف جماعات السلاح المنفلت من دون عدة قوية، تعني تكريسا لها وتوسيعا لنفوذها على حساب الدولة، فرئيس الوزراء ليس عنوانا بل ارادة، والارادة لا تتحقق من دون ادوات، والادوات هي المؤسسات التي تقوم عليها الدولة، والسؤال اليوم، هل حققت الحكومة ما يجب عليها ان تحققه من بناء لمؤسساتها التي تمثل ركيزة الدولة الممثلة بالجيش الأجهزة الأمنية؟ نأمل ان نكون بهذا الاتجاه!.