إياد مهدي عباس
اقصى ما يطمح اليه مسيحيو العراق أن يمارسوا طقوسهم بحرية، وان تقوم الدولة بحماية حقوقهم الدينية والفكرية والثقافية في ظل مجتمع متعايش ومتسامح، وهذا ما يحصل اليوم، حيث احتفل ابناء المكون المسيحي الاصيل بأعياد الميلاد ودقت أجراس الكنائس بحضور رئيس الجمهورية ورجال دين من المسلمين، لتعكس هذه الصورة أروع صور التلاحم بين مكونات الشعب
العراقي.
ولقد تعرض المكون المسيحي في العراق الى استهداف في وجوده، كما تم استهداف باقي المكونات الاخرى من قبل العصابات التكفيرية التي كانت تنفذ اجندة خطيرة، فكان العراقيون امام اختبار حقيقي عندما تعرضت وحدة المجتمع العراقي لتهديدات حقيقية في مرحلة مهمة وخطيرة من تاريخ العراق، حيث خطط اعداء العراق من اجل تمزيق النسيج الاجتماعي، ولقد اختار أبناء العراق، أن يبقوا متوحدين ومتعايشين، وهذا ما حصل فعلا بعد التضحيات الكبيرة، التي قدمها ابناء العراق بمختلف مكوناتهم، العصابات التكفيرية، لم تكن لوحدها من حاول تمزيق نسيج المجتمع العراقي، فحتى الدول الإقليمية تعاملت مع العراق على انه مجموعة من الطوائف والاديان وحاولت أن تبحث عن مصالح مكون معين على أساس مكون اخر، وللأسف الشديد لقد تعاملت بعض القوى السياسية بسلبية مع هذا الملف في السنوات الاولى لمرحلة التغيير، الا ان الوعي الشعبي جعل الجميع يذهب باتجاه التعايش ورفض الافكار
المتطرفة .
وعندما نتحدث عن أعياد الميلاد واحتفالات شعبنا العراقي بكل مكوناته بمناسبة مولد السيد المسيح علينا أن نقول بأن المكون المسيحي في العراق كان وما زال جزءا أصيلا من المجتمع، ولقد انتصر بدماء ابنائه الغالية على الافكار المتطرفة واثبت تمسكه بالارض التي عاش عليها لقرون طويلة، وان اجراس الكنائس اليوم تعلن النصر على كل المخططات العدوانية، التي ارادت ضرب مفاهيم التعايش والتسامح في العراق، وان مشاركة العراقيين في اعياد بعضهم وتبادلهم التهاني والهدايا، انما يعكس وعي الشعب العراقي كما يعكس انتصار التنوع الديني والثقافي ويلبي طموحاتنا واهدافنا في بناء الدولة المدنية الحديثة، التي يعيش فيها جميع المواطنين تحت خيمة الهوية الوطنية العليا ويشكلون بمختلف مكوناتهم النسيج العراقي المتعايش
والمتسامح.