العوسج الملتهب وأنوار العقل

ثقافة 2021/01/12
...

  د. رسول محمد رسول
 
في خلال سنوات قليلة مضت كنّا نعيش أمل ولادة ترجمة نحو العربية لكتاب أساسي، يتناول ابتكار فلسفة الدين في العالم، رغم أننا لسنا من رجال الدين ولا أحبابهم ليس لسوء الدين في ذاته إنما لسوء الممارسة التدينية في العراق والعالم العربي، لكن وعندما يظهر إلى السطح كتاب من هذا القبيل لا بد لنا من التوقف عند شأنه لكونه ذا قيمة لا حدود لها وهو كتاب جان غرايش (العوسج الملتهب وأنوار العقل.. ابتكار فلسفة الدين) بترجمته الأولى إلى لغة الضاد في سنة 2020 بعد نشره بالفرنسية سنة
 2002/ 2004.
سعى سالم أحمد الزريقاني، مدير عام دار الكتاب الجديد المتحدة في ليبيا ولبنان، إلى التقديم للكتاب، ولم لا فهو الكتاب العين في فلسفة الدين بفرنسا، بل في أوروبا، ولا بد لنا من الاحتفاء به فأحتفى الزريقاني بالصنيع الترجمي الذي تنشره داره لأول مرّة.تصدّرت كلمة الزريقاني المجلّدات الأربعة لهذا الكتاب، وتعوذ ذاكرته إلى هذا الكتاب عندما راح ينشر ترجمات كتب الفيلسوف الفرنسي بول ريكور (1913 - 2005) وكان هذا الفيلسوف أستاذاً لغرايش؛ فهذا الأخير تلميذ ريكور وصديقه وصفيّه فكان يأتي اسم غرايش في الذاكرة الريكورية ثمناً باهظاً لا يعادل أو هكذا أمام الزريقاني، بل بقي اسم غرايش يترسّخ في ذاكرة وذهنية الناشر الزريقاني حتى قرّ قراره بتقديم غرايش عبر مؤلفاته إلى القارئ العربي، بسبب النقص الحاد له في المنشور العربي المترجم، بينما كان الزريقاني يجد مؤلفات غرايش بالمعارض الدولية للكتاب في ألمانيا وبريطانيا، وهنا كان اصطفاء العناوين لترجمتها أمراً دقيقاً؛ بل تحدٍ صعب المراس، فوقع عين الزريقاني على كتاب غرايش (العوسج..) الذي كان صدر بين عامي 2002/ 2004 فانحرفت عيون الزريقاني نحو هذا العنوان الدسم هنيئة.اقتنى الزريقاني النسخة الفرنسية من الكتاب وسط دهشة الناشر الفرنسي ومخاوفه من أن الزريقاني قد يخفق بترجمة الكتاب إلى العربية عبر مترجمين متخصصين، لكنه بقي صامداً على موقفه وهو المجرّب لا تحده ريح الثوابط والتحديات، ففي بيروت بدأ التفكير في التحدي الأكبر عبر البحث عن “الأساتذة والباحثين والمهتمين بفلسفة الدين والهرمنيوطيقا والفينومينولوجيا”، لا سيما “أصدقاء المؤلف الذين زاملوه في قاعات الدرس” أو “أصفياؤه وتلاميذه الخلّص” وسط نصائح أسديت إلى الزريقاني بعدم التورّط في ترجمة هذا المتن العميق والصعب! لكنها الإرادة لدى الزريقاني كانت أكبر ولم تزل من هذه التحديات 
الطرهات.