واقعية برامج الإصلاح

آراء 2021/01/12
...

 بشير خزعل 
 
 
تنوع الايرادات وضبط الأوضاع المالية ركيزتان مهمتان للحد من هشاشة الوضع الاقتصادي امام الصدمات الدولية، وقد يسهم اعتماد برنامج موجه نحو الاصلاح وتعزيز النمو في استدامة جهود إعادة اعمار البنى التحيتية، واهمها  الكهرباء التي تتفاقم حجم  المعضلات فيها نحو الأسوأ مع مرور الوقت. 
وما يثار عن مشاركة القطاع الخاص واسهامه في تحسين مستوى الاقتصاد العراقي كجزء من حل لمشكلة مستدامة، لا يرتقي الى مستوى الواقعية في ظل غياب مقومات كثيرة ومختلفة للنهوض بهذا القطاع المهم، على الدولة العراقية أن تحسم أمرها في بدء ثورة إصلاح اقتصادي شامل، تتطلع نحو المستقبل يبدأ بتثبيت قاعدة البنى التحتية بتخطيط وتنفيذ ستراتيجي بعيد الامد، يتيح لها تجاوز اي ازمات مستقبلية مع النمو والتوسع السكاني والعمراني، وبعد ان تتمكن الدولة من بناء مشاريع البنى التحتية بخبرات اجنبية رصينة يمكن لها معالجة المعوقات الشاملة، التي تعترض التنويع، الذي يمكن ان يقوده القطاع الخاص في ما بعد من خلال الاستدامة المالية والحوكمة الاقتصادية، وإصلاحات القطاع المالي، وإصلاحات بيئة الأعمال، وتحسين محصلات رأس المال البشري، فضلاً عن إصلاحات الحماية الاجتماعية ونظام العمل وتعزيز المشاركة في قطاعات إنتاجية مختارة مثل الزراعة والصناعة
 والكهرباء.
 بهذه التراتبية في البناء تمكنت الدول التي تعرضت لظروف اقتصادية معقدة بسبب الحروب والازمات المختلفة من تجاوز ازماتها،  ولم تكن حزمة المحفزات غير المستدامة، التي طرحت في تشرين الأول  الماضي، كزيادة التوظيف في القطاع العام، وخفض سن التقاعد، والتحويلات المالية المختلفة إلى جانب عائدات النفط الضعيفة التي تفاقمت في ازمة كورونا، مفيدة لاي من الطرفين  الحكومة والشعب، ولم يجن منها العراق اي تحسن اقتصادي ملموس، بل العكس، تقديرات البنك الدولي تشير الى أن عجز الميزانية سيتجاوز 29 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وستصل احتياجات التمويل الإجمالية إلى 67 مليار دولار أميركي (أكثر من 39 % من الناتج المحلي
 الإجمالي). 
وفي ظل هذا الوضع، قد تكون خيارات التمويل محدودة. فالاعتماد الشديد على التمويل المحلي سوف يقلّل من السيولة المتاحة لائتمانات القطاع الخاص، ويُضعف الميزانية العمومية للبنك المركزي العراقي مما يخلق ضغوطاً على التضخم وسعر الصرف، وفي الوقت نفسه، فإن الوصول إلى الأسواق الدولية قد يكون صعباً. 
نظراً لظروف الأسواق العالمية وضعف اطار الاقتصادي الكلي للعراق، لذلك لم تعد الحلول الانية او المرحلية التي لا تتعدى سنتين او أربع سنوات تنفع، وسيكون الضرر منها بالغ الاثر بما يزيد من حجم  الاضطراب وتعقد المشهد السياسي والامني، اما الوعود والشعارات فلم تعد تجدي نفعا والجميع يسأل عن الانجاز الملموس ولن يلتفت أحد الى اي تبرير.