كاظم الحسن
أعتقد أن العراق في العهد الملكي، كان ينافس مصر في زعامة المنطقة، وكان الرجل الداهية نوري سعيد له بصيرة ثاقبة في قراءة الاحداث السياسية، فهو يرى أن الأطماع الخارجية تحيط به من كل جهة وليس أمامه الا تعزيز علاقاته مع الدول القوية وهو نوع من سياسة الردع، لمن تسول له المساس بالعراق وهذا اشبه ما يكون بامتلاك سلاح نووي للدفاع عن النفس، وأعلن ذلك صراحة حين طلب من السفير الالماني غوربا غداة الحرب العالمية الثانية، بمغادرة العراق فقال له السفير الالماني: إن ذلك يعد انتهاكا للأعراف الدبلوماسية ، فرد عليه الباشا: لو كنت أعلم أن المانيا سوف تنتصر في هذه الحرب لطردت السفير الانكليزي، من المعروف إن رجال السياسة يصنفون ثلاث فئات، منهم من يعلم وقوع الأحداث قبل وقوعها، والفئة الثانية بعد حدوثها ولابأس بها، ولكن الثالثة لا تعرف قبل أو بعد وهي الطامة الكبرى حين تكون في أعلى هرم السلطة.
في الحقبة البعثية اعتقد النظام المقبور أن الدور الاقليمي او الزعامة او حماية النظام، تأتي من خلال ترسانة عسكرية ضخمة ومنظومة أمنية متشعبة ومتعددة الرؤوس، وهذا ما مكنه من إشعال الحروب العبثية، التي لاضرورة لها في المنطقة طوال تربعه على عرش السلطة، وهو ما ادى الى نهايته الحتمية وجر البلاد الى أزمات متعددة ،على جميع الصعد وعزل البلاد عن محيطها العربي والاقليمي والدولي، في توازنات المنطقة، لاينفع العراق الانتفاخ العسكري وتهديد الجيران، بل الاحتفاظ بقوة معقولة لمواجهة التحديات والاعداء الذين يطمعون بالعراق واقامة علاقات متوزنة مع دول المنطقة والنأي عن توريط العراق في سياسة المحاور، وجعل البلد ساحة لتصفية الحسابات والدخول في حروب بالوكالة، تصادر مستقبل الشعب وأمنه واستقراره وكأن مامر به العراق لايكفي. أوروبا بعدما استفاقة من الحرب العالمية الثانية، وضعت الصراعات والحروب خلف ظهرها، وبدأت بالبناء والأعمار والتنمية فكان لها ما أرادت، فتصدرت القوة الصناعية والاقتصادية في العالم، وهذا ما أتاح لها النهوض والاستقرار والازدهار والوفرة والرفاهية، لتكون أنموذجا يحتذى به في
العالم .
ابواب المجد والفخر والاعتزاز كثيرة وليست الحروب المدمرة، هي التي تصنع الأوطان والشعوب وترتقي بها نحو العلا، ماذا تصنع الحروب سوى البؤس والفقر والجوع والديون والموت والأرامل والايتام والمعاقين، هل هذا يكفي لكي يتقلد جنرال احمق وهو ليس بجنرال الاوسمة والنياشين العسكرية؟ . عندما سئل الجنرال شوارزكوف عن الطاغية المقبور صدام، هل كان خبيرا ومخططا حربيا، فقال ما معناه، انه ليس جنرالا أو جنديا وما عدا ذلك لابأس به!.