صورة الدولة المتماسكة

آراء 2021/01/12
...

  وجدان عبدالعزيز
لا نأتي بجديد، حينما نقر أن الذات العراقية تاريخياً مأزومة بالصراعات المستديمة، لاسيما في عصرها الحديث، حتى غدت مركز التقاطع الستراتيجي، الذي تمحورت حوله الصراعات السياسية والاقتصادية، والإقليمية منها والدولية لماذا؟ لأن الإنسان العراقي كان وما زال مستهدفاً من قبل الطامعين في خيراته، سواء كانت المادية أو المعنوية.
 لذا حاول هؤلاء الأعداء في تربص داخلي أو خارجي، إقليمي أو دولي من اجل إضعاف النفسية العراقية، وجعلها مشلولة الإرادة الوطنية، ومحاولة فك البنية الاجتماعية، وهذه حقيقة تاريخية ثابتة، ولما نقول في المعالجات، فان أولى هذه المعالجات، الآن ونحن امتلكنا مفردات الإرادة الوطنية، بعد سقوط صنم الدكتاتورية، وظهور دستور متفق عليه، هي الاهتمام النخبوي والمجتمعي بأهمية النهوض النوعي، لاجتثاث مناشئ وجذور الصراعات بدالتها التاريخية، التي ذكرناها سلفاً، كي نصل لواقع مثالي تسوده عوامل التعاون والوئام والوحدة، وعندما ندرك الأسباب والمعالجات، نكون قد جعلنا أمامنا صورة الدولة المتماسكة وخلق المجتمع الموحد. 
 
كيف تتحقق الدولة الوطنية المتماسكة؟ 
والحقيقة التاريخية والآنية تقول يتم تحقيقها بتوجه النخب الثقافية والمجتمعية إلى التجرد من الماضي الكريه والقيام بصيغ التنسيق الميداني، لخلق أجواء التعايش السلمي والأخوي بين أبناء الوطن الواحد، وبهذا الإطار أي إطار التنوع القومي والديني والطائفي والثقافي الاثني، وذلك لأن ضعف الوعي للذات الوطنية، وبروز حالات الظلم الاجتماعي المتبادل وتفشي أنماط الطبقية وانعدام الشفافية، وقلة الوعي بالصالح العام، يقود لامحالة الى الصراعات المؤدية لتمزيق الوحدة الوطنية والمجتمعية، ومن خلال قراءة الساحة السياسية في ظل التغيير الديمقراطي الحادث في البلاد، يتبين لنا نوعان من الصراعات هما: صراع ايجابي خلقته أنظمة الحكم الديمقراطية بدالة التنافس الانتخابي، والثاني صراع سلبي وهو صراع قاتل لا محالة، وحينما نعمد إلى زيادة كفة الصراع الايجابي، لا بدّ لنا من الاعتماد على مساند مهمة هي: الأول: القيام ببناء دولة مدنية دستورية ديمقراطية عادلة تضمن استحقاقات المواطنة في حقلي الحقوق والواجبات.
والثاني: وهوالقيام ببرامج التنمية بمعناها الإنساني والمادي ويشمل الأخلاقي والمجتمعي والسياسي والاقتصادي والثقافي والعلمي والصحي، وحينما تكون هذه التنمية، فهي كفيلة بقبر الصراعات المتأتية من بؤر التخلف والأمية والجهل والفقر والمرض والحاجة، وهذه تسمى صراعات تحتية، لاتستقيم مع مشروع الوحدة والسيادة والاستقرار، ومن ثمَّ لا بدّ من الشروع لإرساء ثقافة مجتمعية يسودها التسامح والسلام وإرساء ثقافة الحوار.
 اذن الصراع الايجابي لا بدّ أن يتخذ الورقة الانتخابية سلاحاً له، بدل البندقية، والكلمة اللائقة والفكرة الهادفة والحوار، بدل اللعن والتآمر والإقصاء، ومن جملة هذا ستتجذر اللحمة الاجتماعية وتتخلق الرؤى السياسية باتجاه المواطنة وإشاعة الاطمئنان بين الناس، والتي يتكفلها القانون المفعل من دستور
 الدولة.