ترجمة وإعداد : أنيس الصفار
في أعقاب المواجهة العنيفة ودخول الحشود الغاضبة الى مبنى الكابيتول يوم الاربعاء 6/1 ومقاطعتها جلسة المصادقة على نتائج المجمع الانتخابي لتأكيد فوز الرئيس المنتخب “جو بايدن”، ضمَّ عدد من المشرعين أصواتهم الى المسعى المطالب بإزاحة الرئيس “دونالد ترامب” عن منصبه باللجوء الى التعديل 25.
حتى بين اوساط وزارة ترامب وحلفائه المقربين ثمة من يتكلم عن التعديل المذكور، ولكن من غير الواضح بعد مدى جدية هذا الأمر، لكن مع تصاعد الخطاب لإزاحة الرئيس قبل حلول يوم تنصيب الرئيس الجديد عبّر ترامب يوم الخميس، من خلال رسالة فيديو، عن غضبه من هذا العنف والانفلات والفوضى، التي وقعت ووعد بانتقال سلس للسلطة داعياً الى الهدوء.
في وقت سابق من يوم الخميس كان السيناتور الديمقراطي “تشاك شومر” قد اصدر تصريحاً شجب فيه مواقف ترامب ووصف ما حدث بأنه حركة عصيان ضد الولايات المتحدة بتحريض من الرئيس، وأن هذا الرئيس يجب ألا يبقى في منصبه يوماً واحداً بعد ذلك.
أسرع السبل واكثرها فعالية لإزاحة الرئيس ترامب، كما قال شومر، يمكن ان تتم من خلال لجوء نائب الرئيس فوراً الى استحضار التعديل 25 في الدستور الأميركي. أما إذا رفض نائب الرئيس والمجلس ذلك فسوف يترتب على الكونغرس ان ينعقد لعزل الرئيس. وقد انضمت رئيسة مجلس النواب “نانسي بيلوسي” هي الأخرى الى مسعى شومر مطالبة بتطبيق التعديل 25.
التعديل 25 للدستور، الذي تمت المصادقة عليه في العام 1967 عقب اغتيال الرئيس “جون كنيدي” في العام 1963، يضع الأسس لنقل السلطات الى نائب الرئيس في حالات موت الرئيس او إزاحته او استقالته أو عجزه عن اداء مهامه.
المطالبات الأخيرة التي صدرت عن كلا الحزبين تبرز مدى الخوف والغضب تجاه ترامب وانصاره الذين أشاعوا الفوضى في مبنى الكابيتول مستندين الى ادعاءات لا أساس لها حول نتائج الانتخابات الرئاسية 2020.
تنص المادة الرابعة من التعديل 25 للدستور الأميركي على ان باستطاعة نائب الرئيس، مسنداً بدعم أغلبية المسؤولين في الحكومة، ان يبت بما اذا كان الرئيس لائقاً بالاستمرار في اداء واجباته الدستورية أم لا. يطرح التعديل ايضاً الوسيلة التي يتم عن طريقها سحب السلطات من الرئيس بالاكراه اذا ما ثبت عجزه عن اداء مهام منصبه.
يمنح التعديل الرئيس مهلة اربعة ايام للاعتراض على المبادرة، وفي هذه الحالة يبت الكونغرس بشأن الاعتراض من خلال التصويت عليه.
ثمة فقرة اخرى في التعديل تسمح للرئيس بنقل سلطاته اختيارياً الى نائبه، وهذا الاجراء قد تكون وراءه دواع طبية او ضرورات اخرى مثل إجراء عملية جراحية، كما فعل الرئيس “رونالد ريغان” في 1985 والرئيس “جورج دبليو بوش” في 2002.
يقول الخبراء ان التعديل 25 يجب تفعيله حتى لو لم تتبق لانتقال بايدن الى البيت الأبيض أكثر من أيام.
تبين “جينا بيدنار” الاستاذة في العلوم السياسية من جامعة مشيغان الحكمة من وراء ذلك فتقول: “قوانيننا ودستورنا نفسه قائمة على اساس اليقين الجازم بأن من ينتهكها لا بدّ أن يلقى العقاب لا محالة. كثير من المشرعين شجبوا دور الرئيس واستنكروه عندما كان يحرض على مهاجمة الكابيتول، وإذا ما تقاعسوا عن تعزيز اقوالهم بالفعل، أي ازاحة الرئيس عن منصبه، فإنهم بذلك يخبرون الأميركيين ان القوانين لا تعني شيئاً ولا قيمة لها.”
تمضي بيدنار فتقول: “قد يقول البعض ما الداعي لكل هذا الاهتمام بإزاحة الرئيس وهو لم تتبق له في المنصب سوى ايام. السبب مرتبط بالمبدأ الاساسي، وهو طمأنة الشعب الأميركي.
تقوم حجة المشرّعين على أساس ان ترامب قد حرض على العنف الذي تعرض له الكابيتول يوم الاربعاء حين قال مخاطباً جموع مناصريه في وقت سابق من ذلك اليوم: “إن لم تخوضوا المعركة بكل ما أوتيتم من قوة فلن يكون لكم من بعد اليوم وطن.” بعد ذلك، وإذ قتل اربعة اشخاص ولحق الأذى والضرر بالبناية والمكاتب، عاد ترامب ليناشد انصاره وغوغاءه أن يعودوا الى بيوتهم، ولو انه حتى في تلك اللحظة لم يتراجع عن الادعاء بأن “الانتخابات مزورة” وانها قد “سرقت”، على حد تعبيره.
تقول أمل أحمد، التي تشغل منصب استاذ في العلوم السياسية بجامعة ماساشوستس: “حقيقة كون بنس هو الذي استدعى قوات الحرس الوطني يومها تنبئنا بأنه لم يعد يثق بقدرة الرئيس على تولي مهامه، وهذا فيه إشعار بأن التعديل 25 قد أخذ به فعلياً على نحو ما”.
راشيل بوتشينو عن موقع “ذي ناشنال إنتريست”