الحنين للماضي

آراء 2021/01/16
...

 يونس جلوب العراف 
 
 
الحنين الى الماضي حالة نفسية متأصلة في النفس البشرية، لاسيما ان كان فيه من الذكريات ما يسعد القلب ويجعله يرى أن الحاضر لا يمكن أن يقارن مع الماضي من جميع النواحي، لكن أن يكون الحنين الى زمن ولى مليء بالموت والدمار، فهو بالتأكيد اما حالة مرضية أو أن الشخص كان مستفيدا من ذلك الزمن ويريد عودته، وفي الحالتين أرى أن الموضوع غير واقعي وليس له امكانية التحقق، كوننا تجاوزنا تلك المرحلة من الناحييتين النفسية والاجتماعية.
لفت انتباهي خلال المدة القليلة الماضية ظهور العديد من الغرائب والعجائب على الصفحات الفيسبوكية، حتى ان بعضها لا يمت الى العقل و العقلانية بصلة ومنها التحسر على الزمن الصدامي البغيض الذي لم يجلب للبلاد سوى الخراب والدمار، نتيجة خوض الطاغية حروبا ضد جيران العراق، تسببت بمقتل الملايين من ابناء الشعب، فضلا عن تدمير الاقتصاد العراقي، ومن أصحاب هذه الصحفات من يضع صور الطاغية المقبور صدام في صورة غلاف صفحته الشخصية، ويرسل طلبات الصداقة الى الاخرين، ومن المؤكد أن هدفه هو الحصول على اصدقاء على شاكلته يطبلون لعودة النظام المباد الى الواجهة السياسية، لا سيما ان الانتخابات أصبحت قريبة ومن الممكن ان يكون هؤلاء يحاولون ارسال اشارات الى الناس ان البعثيين قادمون عبر الصناديق الانتخابية بأسماء جديدة وربما في قادم ستجدهم يضعون صور مرشحيهم على غرار مافعله آخرون يحاولون من الآن تجنيد مناصرين لهم من خلال عمل صفحات على الفيسبوك تحمل صورهم واسماء كتلهم 
الجديدة.
ليس الفيسوك وحده من امتلأ بمثل هؤلاء المطبلين الصداميين، بل ان اليوتيوب أصبح مرتعا لفيديوهات لابنة الطاغية المقبور ومقاطع من محاكمة الطاغية، التي يظهر فيها وهو يحاول تبييض وجهه الكالح، الذي لونه العار بعد أن وجده الأميركان في حفرة الخزي والمهانة في منطقة الدور بتكريت، فضلا عن أغاني الحرب التي تمجد الطاغية المقبور في “قادسيته” و”أم معاركه” اللتين كانتا السبب في انهيار الجيش العراقي ودمار الاقتصاد العراقي وموت الشباب برصاصهما وصواريخهما وموت أطفال العراق وشيوخه ونسائه، نتيجة الحصار الاقتصادي الذي فرصته الدول الكبرى على حكم الطاغية فدفع ثمنه العراقيون .
قد يظن من يقرأ هذه السطور أنني راضٍ عن الوضع الحالي الذي نعيش فيه ولهؤلاء أقول انا من الطبقة المسحوقة في كل العصور، ولم يتغير عندي شيء، لكنني في الوقت ذاته أقول لمن يحن الى الزمن الصدامي أن العراق يستحق قادة أفضل من الذين حكموه منذ 100 عام هي عمر الدولة العراقية الحديثة، ولا يجب التفكير بالماضي وتركه على رفوف النسيان، حتى نتحرر منه والتطلع الى مستقبل بعيون مليئة بالأمل، كوننا أمام فرصة جديدة للتغيير في الانتخابات المقبلة.
من طرائف هذا الموضوع هو أن عددا من المطبلين للطاغية ارسلوا لي طلبات صداقة، فما كان مني الا القيام بحظرهم وتركهم في حيرة من امرهم، وهم يستحقون اكثر من ذلك فيجب أن ينالوا “الحرق” وليس “الحظر”، فهم آفات خطيرة تحاول تمزيق نسيج المجتمع العراقي، الذي يريد حياة سعيدة بعيدة عن الحروب والويلات، التي كانت أهم “منجزات” الطاغية المقبور في سنوات 
حكمه .