أطروحة المركز والأطراف

آراء 2021/01/18
...

   ا.د.عامر حسن فياض

 استخدم (سمير امين) في تحليلاته للتطور اللا متكافئ عبر التاريخ مصطلح (المركز والاطراف)، حيث تكون المراكز هي المسيطرة اقتصاديا والاطراف هي الخاضعة، واستنادا الى تحليلات (سمير امين ) وضع (صادق جلال العظم) تصورا لنظام الهيمنة العالمي يتكون من الحلقات والدوائر ذات المركز الواحد المهيمن عليه اميركيا، وفق هذا التصور يشير (العظم) الى ان الحلقة الداخلية لهذا النظام تتألف من الدول الرأسمالية القوية مثل فرنسا وبريطانيا والمانيا الاتحادية وهولندا واليابان ... 
الخ والتي يمكننا تسميتها -على حد قوله-  (بالمركز او الحلقة المركزية)، اما الولايات المتحدة الاميركية فانها تحتل في المرحلة الراهنة موقع (مركز المراكز) 
في هذا النظام، وفي مركز المراكز هذا نجد التركيز الأعظم والتراكم الأكبر على وجه الكرة الأرضية للثروة والصناعة والتجارة والجبروت العسكري مما يجعله (اي مركز المراكز) القوة القادرة على قيادة النظام باكمله، وعلى ممارسة اكبر مقدار ممكن من الهيمنة عليه، 
وفقا لمصالح الولايات المتحدة الأميركية الحيوية، ثم تتألف الحلقة الثانية لهذا النظام من الدول الرأسمالية الأضعف مثل الدول الاسكندنافية، بلیجکا، سویسرا، ايطاليا، كندا، أوسترابا وغيرها. 
ومع بلوغنا الحلقة الثالثة نصل الى ما يمكن تسميته بـ(الحلقات الطرفية) المتتالية للنظام ذاته، وتتألف الحلقة الثالثة هذه من الدول الرأسمالية الضعيفة بالمقياس الى الحلقتين الأولى والثانية، وهي القوية بالنسبة الى الحلقة الرابعة وما بعدها مثل (البرازيل، اسرائیل، ایران، الهند، المكسيك، المملكة السعودية.. الخ)، أما الحلقات الخارجية التالية، فتتألف من بقية دول بلدان ما نسميه عادة بالعالم الثالث ومجتمعاته وشعوبه بما فيها معظم دول المنطقة العربية، ويشير (العظم) الى ان هذا النظام لايعمل عشوائية، كما 
أن حلقاته لا ترتبط بعضها بالبعض الاخر بروابط عرضية طارئة، اي ان لهذا النظام خصائص معينة وقوانين حركة محددة، ويفهم مما تقدم أن مفهوم الهيمنة، لم يكن يعبر الا عن علاقة بنيوية يحكمها قانون ( المركز والأطراف )، مما يؤكد بان الهيمنة الثقافية التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية في العالم قاطبة والمنطقة العربية بشكل خاص ما هي الا الوجه الآخر للهيمنة الاقتصادية، التي تمتلكها في هذه المنطقة نتيجة التبعية التي 
تتميز بها.
 وبصورة عامة يمكن القول ان علاقة (الهيمنة/ التبعية) ما بين المركز والأطراف لها انعكاساتها على المستويات كافة بما في ذلك المستوى الثقافي، بكلمة أوضح أن الدول المهيمنة، دولة مركز المركز ودول المركز، بفعل هيمنتها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي باتت في " الذات " الفعالة، في حين أن الدول الطرفية أصبحت مجرد " موضوع سلبي "، 
وذلك ما يفسر لنا جهد الدول الاستعمارية القديمة والجديدة من أجل ضمان تبعية الاخرين والهيمنة والتفوق الثقافي لنفسها على المستوى العالمي، واليوم فان الولايات المتحدة الأميركية تتوسل جميع الوسائل لتشكيل ثقافة العالم حسب النمط الثقافي الأميركي . 
المختصر المفيد ان الولايات المتحدة الأميركية باصرارها وعنادها على ان تبقى مركز المراكز لا تسمح للمراكز دونها ان تشاركها مركز المراكز مثل الصين ولا تسمح ان تتحول الاطراف الى مراكز مثل ايران .