بشير خزعل
المتضررون من البطالة ليس العمال وحدهم، بل يمتد تاثيرها الاقتصادي والاجتماعي لفئات واسعة من الناس بسبب ارتباطها بعملية الانتاج، الدول النامية غالبا ما تتبنى نظاماً خليطاً من الاشتراكية والرأسمالية، لعدم قدرتها على تنفيذ أي من البرنامجين بشكل منفصل،
اما المعالجات الإصلاحية السطحية في مثل هذه البرامج فهي غير فاعلة وقد تؤدي الى التخبط والفوضى والانحدار الى مستوى لايرتقي الى مستوى الطموح مع توسع أزمات تربوية واخلاقية متنوعة، بسبب انعدام الخطط التنموية التي تراعي الواقع الاقتصادي والاجتماعي ومتطلبات التنمية والاستفادة القصوى من الطاقات البشرية المتوفرة، مع انتشار البطالة المقنعة التي تفضي الى صرف الوقت بسبب مزاولة اعمال دون مستوى القدرات، أو ليس ضمن مجال الاختصاص.
العراق من الدول الغنية بموارده الاقتصادية المتنوعة، ومن المفترض أن يكون في مقدمة الدول الصناعية إضافة للزراعة، وأن تكون مستويات التشغيل فيه في أعلى مستوياتها، لكن ما يثير التساؤل أن تكون أزمة البطالة فيه في حالة تأزم، وعلى مدى عقود طويلة من الزمن، وبمواصفات قد تختلف عن واقع البطالة في مكان آخر، ولأسباب مختلفة، بدءا من القوانين ووصولا الى الفرص المتاحة، ولذلك ومع هذه التعقيدات، فمن دون تسليم الملف الاقتصادي الى شركات عالمية مهنية لن يستطيع العراق حل مشكلاته في القريب العاجل، وستبقى المشكلات الكبرى كالبطالة في توسع مستمر، وفي حال تم استجلاب الشركات المختصة بتطوير البنى الفوقية والتحتية للبلاد، فلا بدّ وأن تتضمن عقود العمل شروطا مفصلة، أولها تشغيل الايدي العاملة العراقية وتدريبها واعطاؤها شهادات الخبرة والمهنية، كما ان الخصخصة اذا طبقت بمضمونها الصحيح فهي ستقلل من الفساد المالي والاداري، وتجعل برامج العمل أكثر شفافية، لكن عندما تتعارض القناعات مع فرص العمل المتاحة تتم اضاعة الكثير من تلك الفرص بين اغلب العمال لغياب التوافق المنهجي، اضف الى ذلك ان استقبال آلاف المهاجرين من العمالة الاجنبية بشكل غير مسيطر عليه يسمح للعامل الاجنبي مزاحمة العامل العراقي واخراجه من ساحة العمل، من دون مراعاة وضع الازمة الخانقة للبطالة. مازال من الممكن معالجة ظاهرة البطالة باجراءات قانونية وادارية من خلال الحد من تدفق المنتوج المستورد، الذي يغرق الأسواق ومعالجة التناقض الحاصل في تدفق العمالة الاجنبية، وتفعيل معامل الانتاج الوطني العام والخاص، وغيرها من الاجراءات التي يمكن أن تسرع في الحد من ارتفاع هذه الظاهرة، فليس من مصلحة البلاد أن تتوسع هذه الفجوة الى مديات غير واضحة المعالم، لأنها حتما ستؤدي الى كارثة تلقي بظلالها على واقع الحياة اجتماعيا وسياسيا وامنيا، لأن واقع المشكلة في الاساس هو الاقتصاد الذي يحرك جميع مفاصل
الحياة.